[تذكير المؤمن الأبي بتأريخه الهجري]
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[10 - 01 - 08, 12:36 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
[تذكير المؤمن الأبي بتأريخه الهجري]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه أجمعين
أما بعد:- فإن لكل أمة لغتها وثقافتها وحضارتها التي تتمسك وتعتز بها، وتربي عليها أبناءها، ومما لاشك فيه إن لكل حضارة تأريخها الذي يبين بدايتها ويوضح تجربتها في الحياة، ويميزها عن غيرها من الأمم، وثم ارتباط كبير بين ثقافة الأمة وعقيدتها وبين تأريخها، حيث أنه من الواضح أن لقيم أي أمة وعقيدتها وثقافتها تأثيرا كبيرا على مكونات تاريخها ((بداية العام _ الأعياد – المواسم – أسماء الشهور، كما سيتبين في ثنايا في هذا البحث بإذن الله، ولهذا كله كان هذا البحث المتواضع عن التاريخ الهجري ((تعريفة وأصله وبدايته ومشروعيته وأهميته، وما يرتبط به من بدع محدثات))
أولاً: - تعريف التأريخ:-
قال ابن منظور:- أرخ التأريخ تعريف الوقت والتوريخ مثله، أرخ الكتاب ليوم كذا: وقته. وقال الفيروز أبادي أرخ الكتاب وأرّخه وآرخه وقته وفي المعجم الوسيط:- التأريخ: جملة الأحوال والأحداث التي يخرج بها كائن ما، ويصدق على الفرد والمجتمع، كما يصدق على الظواهر الطبيعية والإنسانية، ويقال:- فلان تاريخ قومه إليه ينتهي شرفهم ورياستهم، والتأريخ:- تسجيل هذه الأحوال.
وقال المناوي في قيض القدير:_
وقيل – أي التأريخ - هو قلب التأخير، وقيل معرب لاعربي. قلت وقيل هو مشتق من الإرخ بكسر الهمزة أو الفتح وتعني: وليد البقرة الوحشية،وقيل مشتق من اللفظ الفارسي (ماه روز) وتعني حساب الشهور والأعوام وقيل مشتق من الكلمة السامية التي تعني القمر والشهر وهي في اللغة العبرية (يرخ) وقيل وهي عربية جنوبية، أرسل يعلي بن أمية كتابا مؤرخا إلى عمر من اليمن فقال عمر هذا حسن فأرخوا)
ثانياً: ـ فوائد التأريخ:-
للتأريخ فوائد كثيرة، في استقلالية الأمة وخصوصيتها وتميزها عن غيرها من الأمم، إضافة إلى حفظ حقوق الناس وضبط أمورهم ومعاملاتهم ولذلك قال المناوي:- (فلا غنى عن التأريخ في جميع الأحوال الدنيوية والأخروية) وذكر قصة تبين بعض فوائد التأريخ فقال:- وقع في زمن الخطيب البغدادي أن يهوديا اظهر كتابا فيه أن المصطفى صلى الله علية وسلم أسقط الجزية عن أهل خيبر، وفيه شهادة جمع منهم على ذلك، فوقع التنازع فيه فعرض على الخطيب فتأمله، ثم قال:- هذا زور، لأن فيه شهادة معاوية وإنما اسلم عام الفتح، وفتح خيبر سنة سبع، وشهادة سعدبن معاذ وكان مات عقب قريظة، ففرح الناس بذلك
ثالثاً:- بداية التأريخ:-
قال ابن الجوزي:-
لما كثر بنو ادم أرخو بهبوطه فكان التأريخ إلى الطوفان، ثم إلى نار الخليل، ثم إلى زمن يوسف، ثم إلى خروج موسى من مصر ببني إسرائيل، ثم إلى زمن داود، ثم سليمان، ثم عيسى، وقيل: أرخت اليهود بخراب بيت المقدس، والنصارى برفع المسيح)
وقال الزهري والشعبي:- كان بنو إبراهيم يؤرخون من نار إبراهيم إلى بنيان البيت حين بناه إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، ثم أرخ بنو إسماعيل حتى تفرقوا، فكان كلما خرج قوم من تهامة أرخوا بمخرجهم، حتى مات كعب بن لؤي، فأرخوا من موته إلى الفيل، حتى أرخ عمر بن الخطاب من الهجرة سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة، وقد كان كل طائفة من العرب تؤرخ بالحادثات المشهورة فيها ولم يكن لهم تاريخ يجمعهم.
رابعاً:- التأريخ في الإسلام
روى الحاكم في الإكليل وابن عساكر في تاريخ دمشق عن أبي سلمه عن الزهري:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخ التأريخ حين قدم المدينة في شهر ربيع الأول) لكن هذا الحديث لا يثبت، فقد قال الحافظ ابن حجر في الفتح:_ وهذا معضل، والمشهور خلافه وأن ذلك في خلافة عمر) وقال ابن عساكر:- والمحفوظ أن الآمر بالتأريخ عمر) وقال ابن الأثير:-والصحيح المشهور أن عمر بن الخطاب أمر بوضع التأريخ)
قال الحافظ ابن حجر:- وقيل أول من أرخ التأريخ يعلي بن أميه حيث كان باليمن) أخرجه أحمد بن حنبل
¥