[دعوة للاعتكاف النبوي]
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[27 - 08 - 09, 12:09 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله ومن والاه وبعد
فإن الاعتكاف سنة نبوية صحت بها الأخبار
وهو من أعظم وسائل التزكية للنفوس وأفضل الطريق لتقويمها وتهذيبها
فإن العكوف على الله بذكره والخلوة به ومناجاته أوسع أبواب صلة العبد بربه
وكم من تائب كانت بدايته أن اعتكف يوما أو ليلة أو اعتكف العشر
وكم من عارف وعالم وعابد كان أول ذلك أن اختلى بربه
والاعتكاف كغيره من العبادات إنما يؤتي ثمرته عندما يكون على الهدي النبوي
وما دعاني أن أذكر نفسي وإخواني بهذا الأمر ما انتشر بين الملتزمين من المعتكفين
من جعل الاعتكاف فرصة للقاء والسمر بل وأحيانا للأكل مما لذ وطاب
بيد أن اعتكاف نبينا صلى الله عليه وسلم عسر أن تجد من يفعله
أولا ينبغي أن يكون الاعتكاف فرصة للتقلل من لقاء الإخوان والأصحاب
وفرصة للتقلل من الكلام والطعام
وفرصة للتقلل من كل شئ غير ذكر الله عز وجل
لمحة نبوية
روى البخاري بإسناده عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان فكنت أضرب له خباء فيصلي الصبح ثم يدخله
كان صلوات ربي وسلامه عليه لا يكتفي بكونه في المسجد عاكفا على ربه معتزلا الدنيا بل يضرب له الخباء داخل المسجد فيدخله
سبحان الله
رأيت معي أخي ما هو المعنى المقصود من اعتكافك
بل إنا رأينا من أراد أن يعتكف سأل أولا من معنا من المشايخ وطلبة العلم
وما هو برنامج الاعتكاف
برنامج الاعتكاف
وما معنى برنامج الاعتكاف وهل للاعتكاف برنامج وإذا لم يكن للاعتكاف برنامج هل يا ترى هو اعتكاف ناقص
أيها الحبيب الاعتكاف لزومك لخيمتك أو خبائك إن كان فإن لم يكن فلزومك لمسجدك مصليا ذاكرا
دع عنك نوع جديد من الاعتكاف أحدثه من عز عليه ترك الدنيا وفي نفس الوقت يريد أن يشارك
ألا وهو اعتكاف الموظفين فيخرج الواحد لوظيفته أو عمله ثم يرجع إلى مسجده
ولا حرج أن يأتي بأوراقه أو كتبه إذا كان طالبا للمذاكرة في اعتكافه
ما قصدت من كتابتي لهذه الكلمات غير الوصول إلى صورة الاعتكاف النبوية
تنبيه
ما قصدت منع من لا يستطيع اعتكاف العشر كاملا من أن يلزم المسجد قدر استطاعته في أيام العشر إذا كان طالبا أو موظفا أو غير ذلك
بل هي كلمات لمن أراد أن يثمر اعتكافه
فإن وجدت منتفعا فبها ونعمت وإلا فسوء القصد لازم لكاتبها غفر الله لنا ولكم
ـ[علي سلطان الجلابنة]ــــــــ[27 - 08 - 09, 01:38 ص]ـ
ذكر صاحب المبدع شرح المقنع - رحمه الله تعالى -: (3/ 22):
"ويستحب للمعتكف التشاغل بفعل القرب" كالصلاة وتلاوة القرآن وذكر الله تعالى "واجتناب مالا يعنيه" من الجدال والمراء وكثرة الكلام والسباب والفحش لقوله عليه السلام "من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه" [[قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى: صحيح , انظر حديث رقم: 5911 في صحيح الجامع.]]
، ولأنه مكروه في غير الاعتكاف ففيه أولى.
وليس الصمت من شريعة الإسلام وظاهر الأخبار تحريمه جزم به في "الكافي"، وقال ابن عقيل يكره الصمت إلى الليل فإن نذره لم يف به.
ولا يجوز أن يجعل القرآن بدلا من الكلام ذكره الأكثر لأنه استعمال له في غير ما هو له كتوسد المصحف وجزم به في "التلخيص" و"الرعاية" بالكراهة وذكر الشيخ تقي الدين إن قال عند ما أهمه: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86]، فحسن.
"ولا يستحب له إقراء القرآن والعلم والمناظرة فيه" نص عليه لفعله عليه السلام فإنه كان يحتجب فيه واعتكف في قبة وكالطواف قال أبو بكر:" لا يقرأ ولا يكتب الحديث ولا يجالس العلماء "إلا عند أبي الخطاب" واختاره المجد فإنه يستحب "إذا قصد به الطاعة" لا المباهاة لظاهر الأدلة وكالصلاة والذكر ولأن الطواف لا يتسع لمقصود الإقراء بخلاف الاعتكاف فعلى الأول فعل ذلك أفضل من الاعتكاف جزم به في "الوجيز" و"الفروع" لتعدي نفعه.
فالذي يظهر أن القرب نوعان:
1 - قرب خاصة بالنفس كقراءة القرآن والذكر ووو .... إلخ.
2 - قرب عامة وهي كالتي ذكروها العلماء كما هو بالأعلى أي إقراء القرآن فالأولى بالمسلم أن ينشغل بالقرب الخاصة وأن يبتعد عن العامة في هذا الاعتكاف فهي أيام قليلة وطوبى لمن استغلها .....
وإن اشتغل بالقرب العامة فقال بعضهم بالجواز كما رأيت.
والله أعلم
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[27 - 08 - 09, 05:08 م]ـ
يقول ابن القيم رحمه في زاد المعاد في هدي خير العباد - (2/ 87)
وشرع لهم الاعتكاف الذى مقصودُه وروحُه عكوفُ القلبِ على الله تعالى، وجمعيَّتُه عليه، والخلوةُ به، والانقطاعُ عن الاشتغال بالخلق والاشتغال به وحده سبحانه، بحيث يصير ذِكره وحبه، والإقبالُ عليه فى محل هموم القلب وخطراته، فيستولى عليه بدلَها، ويصير الهمُّ كُلُّه به، والخطراتُ كلُّها بذكره، والتفكُر فى تحصيل مراضيه وما يُقرِّب منه، فيصيرُ أُنسه بالله بدَلاً عن أُنسه بالخلق، فيعده بذلك لأنسه به يوم الوَحشة فى القبور حين لا أنيس له، ولا ما يفرحُ به سواه، فهذا مقصود الاعتكاف الأعظم.
وقال رحمه الله
وأما الكلامُ، فإنه شُرِعَ للأمة حبسُ اللسان عن كل ما لا ينفع فى الآخرة.
وأما فُضول المنام، فإنه شُرِعَ لهم من قيام الليل ما هو من أفضل السهر وأحمده عاقبةً، وهو السهر المتوسِّطُ الذى ينفع القلبَ والبدن، ولا يَعُوقُ عن مصلحة العبد، ومدارُ رياضة أربابِ الرياضات والسلوكِ على هذه الأركان الأربعة، وأسعدُهم بها مَنْ سلك فيها المِنهاجَ النبوىَّ المحمدىَّ، ولم ينحرِفْ انحراف الغالين، ولا قصَّر تقصير المفرِّطين،
وقال أيضا
وكان يأمر بخباءٍ فيُضرب له فى المسجد يخلُو فيه بربه عَزَّ وجَلَّ.
واسمع إليه رحمه الله وهو يصف حال بعض أهل زمانه من المعتكفين
واعتكف مرة فى قبة تُركية، وجعل على سدتها حصيراً، كلّ هذا تحصيلاً لمقصود الاعتكاف وروحه، عكسَ ما يفعلُه الجهالُ من اتخاذ المعتكف موضِعَ عِشْرة، ومجلبة للزائرين، وأخذهم بأطراف الأحاديث بينهم، فهذا لون، والاعتكاف النبوى لون. والله الموفق