مفهوم العَلمانية والتلبيس الواقع في هذا المصطلح
ـ[حاتم الحاجري]ــــــــ[14 - 06 - 10, 11:26 م]ـ
مفهوم العَلمانية:
تعبير العَلمانية تعبير مُحدَث لم يَرِد له ذِكر في المعاجم العربية القديمة، وقد ورد هذا التعبير لأول مرة في قاموس ثُنائي اللغة (فِرِنسي – عَرَبي) أَلَّفه أحد تراجمة الحملة الفِرِنسية واسمه "لويس بقطر" المصري، وقد طُبِع جزؤه الأول في مارس 1828م، ثم دخلت الكلمة بعد ذلك إلى اللغة العربية، وأول مُعجم في اللغة العربية وَرَد فيه هذا التعبير هو "المعجم الوسيط" الصادر عن مَجْمَع اللغة العربية بالقاهرة.
فقد جاء في طبعته الأولى الصادرة سنة 1960م: "العَلْماني" نسبةً إلى العَلْم، بمعنى العالَم وهو خِلاف الديني أو "الكهنوتي". وبقي الأمر كذلك في الطبعة الثانية الصادرة سنة 1979م، أما في الطبعة الثالثة التي صدرت سنة 1985م، فقد وردت الكلمة فيه مكسورة العَيْن، بعد أن ظلت مفتوحة في الطبعتين الماضيتين.
والعَلْماني (مفتوحة العَيْن) نِسبةً إلى العَلْم (بفتح العَيْن وسكون اللام)، أي الخَلْق كله.
والعِلْماني (بكسر العَيْن) نِسبةً إلى العِلْم التجريبي الذي انتصر على الكنيسة بعد صِراع مرير سالت فيه دماء وأُزهقت فيه أرواح، لأن الكنيسة كانت بالمرصاد لكل رأي عِلمي يُعارِض التفسير الديني للكتاب المقدس.
جناية المصطلحات:
بيد أن استعمال هذا المصطلح بالكسر استعمال ينطوي على قدر كبير من الخطأ والتلبيس.
· أما انطواؤه على الخطأ: فلأن الكلمة في جذورها الأوربية لا علاقة لها بالعِلْم، فهي باللغة الإنجليزية ( Secularism)، وهذا التعبير لا صِلة له بالعِلْم. فالعِلْم في كلٍ مِن الإنجليزية والفِرِنسية ( Science)، والمذهب العِلْمي يُطلق عليه ( Scientism). أما هذه الكلمة ( Secularism) فهي اللادينية أو الدنيوية، فنسبتها إلى العِلْم نسبة خاطئة لانبتات الصلة بين العِلْم وبين هذا التعبير في جذوره الأوروبية.
· وأما انطواؤه على التلبيس والإيهام: فلأن في نسبة هذا التعبير إلى العِلْم ما يحجب حقيقة المعنى الذي يتضمنه هذا التعبير، ويُدخله في دائرة القبول العام، خاصةً أن مجرد الإنحياز إلى العِلم لا يعني نبذ الإيمان أو استبعاد الدين بالضرورة، بل لابد لإبراز هذا المعنى من التحليل والتوضيح، الأمر الذي تأباه طبيعة المصطلحات.
وعلى هذا، فإن المعنى الصحيح لهذا التعبير هو الفصل بين الدين والدولة، بل بتعبير أدق الفصل بين الدين والحياة، وعدم المبالاة بالدين أو الاعتبارات الدينية، ورفع القداسة عن المقررات الدينية والتعامل معها كمواريث بشرية بحتة، وقَصْر الدين على جانب الشعائر التعبدية الفردية البحتة باعتباره علاقة خاصة بين الإنسان وخالقه.
كتبه: أ. د. صلاح الصاوي
مِن كتاب: أصول الإيمان (1).
ـ[أبو سليمان الجسمي]ــــــــ[15 - 06 - 10, 06:15 م]ـ
جزاك الله خيرا