[منهجية تربية الآباء للآبناء]
ـ[أبو اسحاق الصبحي]ــــــــ[16 - 06 - 10, 12:36 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين له الحمد الحسن والثناء الجميل يقول الحق وهو يهدي السبيل وأشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمد عبد الله ورسوله
إن الدين الحنيف قد حث على إتباع الأسوة الحسنة في كل مكان وزمان لينصلح به الحال ويجبر الكسر فلأسوة كالمصباح في الظلام يهدي الله به من يشاء من عبادة
وقال الله تعالى ((لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا))
فحث الدين على إصلاح الفرد بأن يتخذ رسول الله أسوة له وقدوة في حياته كلها
وحث المجتمع كذلك
فقال الله تعالى ((محمد والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم))
ومع هذا الحث الحثيث على إتخاذ الأسوة يجب أن يكون له نتيجة واضحة ألا وهى أن يكون المرء أسوة لغيره
فينصلح حال المجتمع ولابد أن يظهر ذلك على المجتمع بأسره بجميع أفراده
ولذلك يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى:"تدور أهداف التربية حول ثلاثة أمور: تربية الفرد المسلم، وبناء الأمة المسلمة، والدعوة للإسلام في العالم ".
ولذا يجب أن يكون الأب أسوة لأبنه في كل شئ ولا يصل الأب إلى هذه المرتبة إلا بالإتباع الخالص لرسول الله
صلى الله عليه وسلم والتزكية بعد ذلك وهما من أركان المنهج السلفي القويم
ولهذا قال عتبة بن أبي سفيان لمؤدب ولده: ليكن أول إصلاحك لولدي إصلاحك لنفسك؛ فإن عيونهم معقودة بك؛ فالحسن عندهم ما صنعتَ، والقبيح عندهم ما تركتَ، وعلِّمهم كتاب الله ولا تكرههم عليه فيملوه، ولا تتركهم منه فيهجروه، ثم روِّهم من الشعر أعفَّه، ومن الحديث أشرفه، ولا تُخرجهم من علم إلى غيره حتى يُحكِموه؛ فإن ازدحام الكلام في السمع مضلة للفهم.
فلا تنه عن خلق وتأتي بمثله
ومنهنا كان للآباء دور عظيم في خلق ابنائهم
ولهذا لقد حث الشرع الحكيم على الحفاظ على الأهل والأبناء في القرآن الكريم والسنة النبوية
ففي كتاب الله عز وجل
قال الله تعالى
((يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ قُوَاْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاّ يَعْصُونَ اللّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ))
قال سفيان الثوري عن منصور عن رجل عن علي رضي الله عنه في قوله تعالى: {قوا أنفسكم وأهليكم نارا} يقول: أدبوهم وعلموهم.
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {قوا أنفسكم وأهليكم ناراً} يقول اعملوا بطاعة الله واتقوا معاصي الله, وأمروا أهليكم بالذكر ينجكم الله من النار,
وقال مجاهد {قوا أنفسكم وأهليكم ناراً} قال اتقوا الله وأوصوا أهليكم بتقوى الله, وقال قتادة تأمرهم بطاعة الله وتنهاهم عن معصية الله وأن تقوم عليهم بأمر الله وتأمرهم به وتساعدهم عليه فإذا رأيتلله معصية ردعتهم عنها وزجرتهم عنها,
وهكذا قال الضحاك ومقاتل: حق على المسلم أن يعلم أهله من قرابته وإمائه وعبيده ما فرض الله عليهم وما نهاهم الله عنه.
يقول الإمام الطبري في تفسير هذه الآية:
يقول تعالى ذكره يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله {قوا أنفسكم} يقول: علموا بعضكم بعضا ما تقون به من تعلمونه النار وتدفعونها عنه إذا عمل به من طاعة الله واعملوا بطاعة الله. وقوله {وأهليكم ناراً} يقول: وعلموا أهليكم من العمل بطاعة الله ما يقون به أنفسهم من النار. " تفسير الطبري " (28/ 165).
وقال القرطبي:
قال مقاتل: ذلك حق عليه في نفسه وولده وأهله وعبيده وإمائه، قال إلكيا: فعلينا تعليم أولادنا وأهلينا الدين والخير وما لا يستغني عنه من الأدب وهو قوله تعالى: {وأْمُر أهلك بالصلاة واصطبر عليها}، ونحو قوله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: {وأنذر عشيرتك الأقربين}، وفي الحديث: " مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع ". " تفسير القرطبي " (18/ 196).
فقوله تعالى: {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين}
} أي يأمركم بالعدل فيهم, فإن أهل الجاهلية كانوا يجعلون جميع الميراث للذكور دون الإناث, فأمر الله تعالى بالتسوية بينهم في أصل الميراث
¥