تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[كشف الغطاء عن أخطاء الشيخ الكلباني في إباحته الغناء. د. صالح سندي]

ـ[أبو محمد]ــــــــ[28 - 06 - 10, 12:49 ص]ـ

كشف الغطاء

عن أخطاء الشيخ الكلباني في إباحته الغناء

د. صالح سندي

بسم الله الرحمن الرحيم

توطئة

لو قُدر أن أحد المتعالمين ألّف رسالة أسماها: "إتحاف الإخوة بإثبات حرمة القهوة"! ونشرها في الآفاق، وقد حلّاها بسوْق جملة من أسماء العلماء الذين نصوا على حرمتها؛ مستدلا بكونها في عرفهم وفي لغة العرب تعني الخمر وليس قهوة البُن! ولم ينس أن يضمن تسويداته غمزا ولمزا في أهل العلم المعاصرين لإباحتهم لها، واصما إياهم بالإصابة "بجرثومة الإباحة" .. فما الذي سيقوله أي عاقل؟

لا أشك أنه سيقول: هذه الأوراق لا قيمة لها. نعم؛ القهوة في لغة العرب هي الخمر، وهكذا هي في عرف المتقدمين؛ ولكن العبرة بالحقائق والمعاني لا بالألفاظ والمباني؛ وهذا المتعالم قد عمد إلى مصطلح قديم وسلطه على أمر حادث؛ وهذا مسلك مردود.

وهذا القدر كافٍ في نقض بنيانه الذي يروم تشييده.

إن المثال السابق يقرّب فهم الواقعة التي ذاعت هذه الأيام؛ حيث سوّد الشيخ عادل الكلباني مقالا وسمه بـ: "تشييد البناء في إثبات حل الغناء" ومسلكه فيه مسلكُ ذاك المتعالم سواء بسواء .. فقد حمل كلام السلف في إباحة الغناء على الغناء المعاصر الذي أباحه هو (بكل أحواله)؛ وهو حملٌ للنصوص وآثار السلف على اصطلاح حادث؛ وهو مسلك خاطئ مُوقع في الزلل.

وإني لأزعم أن بين الغناءين من الاختلاف في الحقيقة أكبر مما بين القهوتين!

بل إني أقول: إن حال ذاك المتعالم أهون وجرمه أخف؛ فإنه لم يضف إلى خطئه العلمي الجسيم نفي الثابت وإثبات المنفي؛ فلم ينفِ وجود التنصيص على مذهب مخالفيه في تبويبات الكتب الستة وغيرها من كتب الإسلام؛ والواقع خلاف ذلك.

كما أنه لم يتجنّ على أهل العلم فينسب إلى طائفة منهم ضد ما كتبوه بأيديهم؛ وهو كذب صريح عليهم.

كما أنه لم يسلك في استدلالاته مسالك أصولية مخترعة أو ضعيفة يأنف من الوقوع فيها صغار طلبة العلم.

كما أنه قد نأى بنفسه عن التناقض؛ فلم يورد فيما يستشهد به نقولا تنقض مذهبه أو تضعفه.

وهذه السقطات -وغيرها- قد وقع فيها الشيخ عادل الكلباني -عفا الله عنه- كما سيتضح خلال الأسطر القادمة. وإني لأؤمل أن ينظرها بعين الإنصاف، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

الحمد لله، وصلى الله وسلم على عبده ومصطفاه، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإن مما شاع هذه الأيام مقال للشيخ عادل الكلباني أسماه: "تشييد البناء في إثبات حل الغناء" وهو منشور في موقعه، ونُشر مجمله في صحيفة المدينة (17225/ 9 رجب 1431هـ)، خلص فيه إلى (أن الغناء حلال كله، حتى مع المعازف، ولا دليل يحرمه من الكتاب والسنة).

وهذه الرسالة هي خاتمة آرائه المتذبذبة في هذه المسألة التي أشغل بها الناس في وسائل الإعلام منذ حقبة من الزمن، حتى لكأنها قضية مصيرية للأمة، ورأي فضيلته هو الحد الفاصل فيها، والذي يتلهف الناس إلى معرفته!

وإن من دلائل دين المرء وورعه وعقله أن يتحاشى الفتوى الخاصة وهو مكفي بغيره؛ فكيف بما تحمله الركبان؟

والشيخ عادل فيما كتب قد عرض عقله، وأبان عن مبلغ علمه، ومن المشهور عند الأدباء: لا يزال المرء في فسحة من عقله ما لم يقل شعراً أو يصنف كتاباً. وقد قيل: من ألف فقد استهدف، فإن أحسن فقد استشرف، وإن أساء فقد استقذف.

وإذا وُزن ما كتبه -وفقه الله- بميزان الإنصاف، ووضع على محك النقد العلمي كانت النتيجة أنه قد خاض في غير ما يحسن، وأساء لنفسه ولغيره، وأوقع العامة في لبس من دينهم؛ فقد تضمن كلامه خلطا لا يليق أن يقع فيه؛ من إخلال بالقواعد العلمية، وتعسف في الاستدلال، وأسوأ ذلك التجني على أهل العلم وإلصاق الكذب الصريح بهم، وتقويلهم ما لم يقولوه، وهذا ما سيتبين بعون الله فيما يأتي.

ولولا اللبس الحاصل على الناس بسبب التلبيسات الجديدة لكان الإعراض عما يُنشر واطراحه هو المتحتم، لكن ما الحيلة وقد كثر الخلط في أبواب العلم؛ ولم يكد يمر يوم حتى يُفجع المسلمون في وسائل الإعلام بزوبعة جديدة في قضية شرعية؛ يقع كثير من الناس بسببها في إشكال وشك، وإلى الله المشتكى.

فالله أخر مدتي فتطاولت ... حتى رأيت من الزمان عجائبا

وسأجعل هذه المناقشة في وقفات، وبالله أستعين:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير