تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ما هو التنطع المذموم؟]

ـ[أحمد بن شبيب]ــــــــ[24 - 06 - 10, 07:38 م]ـ

ما معنى التنطع في الإسلام؟ وهل تغطية الوجه وإعفاء اللحى والالتزام بجميع أفعال النبي صلى الله عليه وسلم ورفض كل ما هو مستحدث فى الدين يعد تشددا؟ وما معنى أنه صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما؟

الحمد لله

- أولا:

الحديث الذي ورد في ذم التنطع جاء عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ. قَالَهَا ثَلَاثًا) رواه مسلم (2670)

وللعلماء في تفسير " التنطع " و " المتنطعين " عبارات كثيرة، تتوافق ولا تتعارض، وكلها تجتمع في معنى واحد، يرجع إلى التكلف والتشدد فيما لا ينبغي وفي غير موضعه الصحيح. ومن هذه المعاني:

1 - الغلو في العبادة والمعاملة، بحيث يؤدي إلى المشقة الزائدة، والشريعة لم تأمر إلا بما فيه يسر وسماحة، ونهت عن التشدد في الدين، وصور الغلو التي أحدثها الناس في الدين وعدها العلماء من التنطع لا تكاد تحصى بعدد.

يقول النووي في "شرح مسلم" (16/ 220):

" أي: المتعمقون، الغالون، المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم " انتهى.

2 - الابتداع في الدين، بتحريم ما لم يحرمه الله ورسوله، واستحداث صور من العبادات والإلزامات لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – كما في "مجموع الفتاوى" (10/ 620) -:

" الرهبانيات والعبادات المبتدعة التي لم يشرعها الله ورسوله من جنس تحريمات المشركين وغيرهم ما أحل الله من الطيبات، ومثل التعمق والتنطع الذي ذمه النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (هلك المتنطعون)، وقال: (لو مد لي الشهر لواصلت وصالا يدع المتعمقون تعمقهم) مثل الجوع أو العطش المفرط الذي يضر العقل والجسم، ويمنع أداء واجبات أو مستحبات أنفع منه، وكذلك الاحتفاء والعري والمشي الذي يضر الإنسان بلا فائدة، مثل حديث أبي إسرائيل الذي نذر أن يصوم، وأن يقوم قائما ولا يجلس، ولا يستظل، ولا يتكلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مروه فليجلس، وليستظل، وليتكلم، وليتم صومه) رواه البخاري. وهذا باب واسع " انتهى.

3 - التقعر في الكلام، والتشدق باللسان، بتكلف الكلمات التي تميل قلوب الناس إليه، حيث لا معنى ولا مضمون، ولا فائدة ترجى من تشدقه وتقعره.

فقد أورد ابن أبي الدنيا هذا الحديث في رسالة " الغيبة والنميمة " في باب " ما جاء في ذم التقعر في الكلام " (ص/15) وروى فيه عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمِ اللِّسَانِ)

رواه أيضا أحمد في "المسند" (1/ 22) وحسنه محققو المسند.

وروى فيه أيضا قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إن شقاشق الكلام من شقاشق الشيطان)

قال ابن الأثير في "النهاية" (5/ 164):

" المُتَنَطِّعون: هم المُتعَمِّقون المُغالون في الكلام، المتكلِّمون بأقْصَى حُلوقهم. مأخوذ من النِّطَع، وهو الغارُ الأعْلى من الفَم، ثم استُعْمِل في كل تَعَمُّق قولاً وفعلا " انتهى.

4 - الخوض فيما لا يعني، والسؤال عما لا ينبغي، وتكلف البحث فيما لا يغني.

قال الخطابي:

" المتنطع: المتعمق في الشيء، المتكلف للبحث عنه على مذاهب أهل الكلام الداخلين فيما لا يعنيهم، الخائضين فيما لا تبلغه عقولهم " انتهى. نقلا عن " عون المعبود " (12/ 235)

ويقول ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (ص/285):

" المتنطع: هو المتعمق، البحاث عما لا يعنيه؛ فإن كثرة البحث والسؤال عن حكم ما لم يذكر في الواجبات ولا في المحرمات، قد يوجب اعتقاد تحريمه، أو إيجابه لمشابهته لبعض الواجبات أو المحرمات، فقبول العافية فيه، وترك البحث عنه والسؤال خير " انتهى بتصرف. ثم ذكر ابن رجب رحمه الله أمثلة لما ينبغي تجنب البحث فيه من تفاصيل أمور الغيب المجهولة والفروق الفقهية المتكلفة، والتفريع على المسائل التي يندر وقوعها، ونحوها.

قال الشيخ ابن عثيمين في "شرح رياض الصالحين" (1/ 416 - 418):

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير