[رأي ابن قدامة رحمه الله تعالى في المعازف]
ـ[علي السلوم]ــــــــ[26 - 06 - 10, 09:18 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مما ذكره الشيخ عادل الكلباني في مناظرته مع الشيخ الدكتور محمد السعيدي في قناة دليل –وهي موجودة في "موقع مشاهد"- ذكر نقلاً عن ابن قدامة -رحمه الله تعالى-في المغني وبدأ يذكره ويشير إليه مرراً في اللقاء وجعله حجة مع كلام الشوكاني وهذا النقل هو:
"واختلف أصحابنا في الغناء فذهب أبو بكر الخلال وصاحبه أبو بكر عبد العزيز إلى إباحته ... " المغني [12/ 42]
وهذا النقل كان قبله كلام مهم لابن قدامة رحمه الله تعالى وهو:
"فصل في الملاهي: وهي على ثلاثة أضرب: محرم وهو ضرب الأوتاد والنايات والمزامير كلها والعود والطنبور والمعزفة والرباب ونحوها فمن أدام استماعها ردت شهادة ... "المغني [12/ 40]
ثم ذكر كلاماً ثم قال:
"وضرب مباح وهو الدف ... "المغني [12/ 40]
ثم جاء بعد ذلك النقل الذي ينقله الشيخ عادل:
"واختلف أصحابنا في الغناء فذهب أبو بكر الخلال وصاحبه أبو بكر عبد العزيز إلى إباحته: قال أبو بكر عبد العزيز: والغناء والنوح معنى واحد مباح ما لم يكن معه منكر .. "
المغني [12/ 42]
فأظن على أحسن تقدير أن الشيخ وهم في نقله، فابن قدامة –رحمه الله تعالى- واضح ما يريد.
وأختم كلامي هذا بكلام جميل لا بن رجب رحمه الله تعالى في فتح الباري المجلد السادس صحيفة 77 وما بعدها.
"الحديث الثاني:952 - نا عبيد بن اسماعيل: نا أبو اسامة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، قالت: دخل أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار، تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث. قالت: وليستا بمغنيتين. فقال أبو بكر: مزامر الشيطان في بيت رسول الله (وذلك في يوم عيد، فقال رسول الله (: ((يا أبا بكر، إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا))
في هذا الحديث: الرخصة للجواري في يوم العيد في اللعب والغناء بغناء الأعراب. وإن سمع ذلك النساء والرجال، وإن كان معه دف مثل دف العرب، وهو يشبه الغربال.
وقد خرجه البخاري في آخر ((كتاب العيدين)) من رواية الزهري، عن عروة، عن عائشة، أن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تدففان وتضربان، والنبي (متغش بثوبه، فانتهرهما أبو بكر، فكشف النبي (عن وجهه، فقال: ((دعهما يا أبا بكر؛ فإنها أيام عيد))، وتلك [الأيام] أيام منى.
ولا ريب أن العرب كانَ لهم غناء يتغنون به، وكان لهم دفوف يضربون بها، وكان غناؤهم بأشعار أهل الجاهلية من ذكر الحروب وندب من قتل فيها، وكانت دفوفهم: ((أعلنوا النكاح واضربوا عليهِ بالغربال)).وخرجه الترمذي وابن ماجه، بإسناد فيه ضعفٌ.
فكان النبي (يرخص لهم في أوقات الأفراح، كالأعياد والنكاح وقدوم الغياب في الضرب للجواري بالدفوف، والتغني مع ذلك بهذه الأشعار، وما كان في معناها.
فلما فتحت بلاد فارس والروم ظهر للصحابة ما كان أهل فارس والروم قد أعتادوه من الغناء الملحن بالإيقاعات الموزونة، على طريقة الموسيقى بالأشعار التي توصف فيها المحرمات من الخمور والصور الجميلة المثيرة للهوى الكامن في النفوس، المجبول محبته فيها، بآلات اللهو المطربة، المخرج سماعها عن الاعتدال، فحينئذ أنكر الصحابة الغناء واستماعه، ونهوا عنه وغلظوا فيه.
حتى قال ابن مسعود: الغناء ينبت النفاق في القلب، كما ينبت الماء البقل. وروي عنه - مرفوعا.
وهذا يدل على أنهم فهموا أن الغناء الذي رخص فيه النبي (لأصحابه لم يكن هذا الغناء، ولا آلاته هي هذه الآلات، وأنه إنما رخص فيما كان في عهده، مما يتعارفه العرب بآلاتهم.
فأما غناء الأعاجم بآلاتهم فلم تتناوله الرخصة، وإن سمي غناءً، وسميت آلاته دفوفا، لكن بينهما من التباين ما لا يخفى على عاقل، فإن غناء الأعاجم بآلاتها يثير الهوى، ويغير الطباع، ويدعو إلى المعاصي، فهو رقية الزنا. وغناء الأعراب المرخص به، ليس فيه شيء من هذه المفاسد بالكلية البتة، فلا يدخل غناء الأعاجم في الرخصة لفظا ولا معنى، فإنه ليس هنالك نص عن الشارع بإباحة ما يسمى غناء ولا دفا، وإنما هي قضايا أعيان، وقع الإقرار عليها،
وليس لها [من] عموم.
¥