[رائد الإبداع طيب الأثر إشارات وعبرمن سيرة ومؤلفات الشيخ بكر أبو زيد]
ـ[عضيدان]ــــــــ[23 - 06 - 10, 11:39 ص]ـ
رائد الإبداع طيب الأثر إشارات وعبرمن سيرة ومؤلفات الشيخ بكر
محمد بن عبد الله الذياب
الشيخ د. بكر أبو زيد - رحمه الله - عَلَمٌ بارز و مؤلف متميز، وفقيه مبرِّز، كان غيوراً على التوحيد، غيوراً علىالحرمات، غيوراً على أعراض المسلمين، غيوراً على نساء وبنات المسلمين، غيوراً على لغة القرآن، غيوراً على طلبة العلم من التخبُّط، غيوراً على أهل العلم من الانجرار وراء الألقاب والتسميات التغريبية، غيوراً على ناشئة المسلمين من التربِّي في أحضانالمدارس العالمية، غيوراً على ألسنة المسلمين من التفوُّه بما لا يجوز ولا يليق، غيوراً على منهج السلف، غيوراً على الأمة من التحزب و التفرق، غيوراً على أعراض العلماء والدعاة.
كان الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد - رحمه الله - مجموعة من التخصصات اجتمعت في رجل؛ فهو الفقيه، والأصولي، واللغوي، والنّسَّابة، والمحدِّث، والأديب، والمؤلف المعتز بعربيته (لغة القرآن) المدافع عن التوحيد والسُّنة.
كان الشيخ بكر - رحمه الله - صاحب مواقف عظيمة؛ فلم يدع مجالاً يهم المسلمين وأهل العلم وطلبته - صغاراً وكباراً - إلا طرقه مؤلِّفاً وموجِّهاً وصادعاً بالحق ومبيِّناً الصواب - كما يراه - ومحذِّراً من المخاطر بنظرة العالم الخبير المشفق الحريص على دينه وأمّته ولغته وناشئة المسلمين وأعراض المسلمات وأعراض أهل العلم؛ فجاءت مؤلفاته شاملة حاوية لعدد من العلوم مراعياً فيها حاجة وواقع المسلمين ونوازل الأمة.
بين الإمام ابن القيم والشيخ بكر أبو زيد رحمهما الله
لمَّا كان شيخ الإسلام الثاني والإمام الرباني ابن قيم الجوزية صاحب تآليف متميزة، و أساليب مشرقة، و أطروحات مبرِّزة، عاش الشيخ بكر - رحمه الله - معه في كتبه ردحاً من الزمن متأمّلاً، ودارساً، ومحقّقاً، ومنقّباً، و مقرّباً لعلومه - فعالم كابن القيم يستحق دراسات متعددة ومتنوعة - فعاش معه الشيخ - رحمه الله - سنين عدداً. قال الشيخ متحدّثاً عن ذلك في كتابه (تقريب علوم ابن القيم ص 11): (وقد عشت مع ابن قيم الجوزية - رحمه الله تعالى - زمناً مديداً بقراءة عامّة مؤلَّفاته المطبوعة البالغ عددها فيما وصل إليّ علمه: اثنين و ثلاثين مؤلفاً منها ما يتكوّن من مجلدات، ومنها الرسالة في عدد من الملازم، ومنها ما بين ذلك. وقد منّ الله عليّ بقراءتها جميعها في زمن متصل، ومنها ما سبقت قراءته فيأوائل الطلب) ا. هـ.
ثم تخصّص به وتخرّج على مؤلفاته بعد معيشته معه سنوات أخرى في (العالمية) فأخرج مؤلَّفاً متميزاً جَمَعَه من كلام ابن القيم سمّاه (الحدود و التعزيرات عند ابن القيم) ولم يكتف بذلك، وكيف لمن علت همته وتطلّعت للمعالي نفسه أن يقف عند حد في طلب العلم الشرعي؟ بل عاش سنوات أخرى مع ابن القيم حتى أخرج دُرّة نفيسة وسَمَها بـ (أحكام الجناية على النفس وما دونها عند ابن قيم الجوزية) فنال بها - ما يحب أن يُطلَق عليه بعيداً عن بهرجة الألقاب وتغريبها - درجة (العالميةالعالية) وهي ما تُعرف في الأوساط الأكاديمية بالدكتوراه، وغدا الشيخ بكر - رحمه الله - متخصّصاً في ابن القيم؛ حيث قام بتقريب علومه بدرّته البديعة (تقريب علوم ابن القيم) و ألّف عنه مؤلَّفاً متميزاً جميع فيه شذرات ودرراً من سيرته، وحصر مؤلفاته، فكثير ممن جاء بعده يحيلون على ما كتبه الشيخ بكر عن ابن القيم، وهذا من إنصافهم جزاهم الله خيراً، ووسم كتابه بـ (ابن قيم الجوزية: حياته، آثاره، موارده). وهو صادر عن دار العاصمة، ووعد الشيخ بأنه سيخرجه في طبعة جديدة تكون ضمن مشروع) آثار ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال) وذلك في الطبعة القادمة لوجود زيادات و إضافات عنده على الطبعة الأولى.
ـ[عضيدان]ــــــــ[23 - 06 - 10, 11:46 ص]ـ
معالم في مؤلفات وشخصية الشيخ:
لقد كان الشيخ بكر - رحمه الله - يتمتع و يتميز بمجموعة من الصفات في مؤلّفاته وشخصيته، وقفنا عليها من خلال ترجمته اليسيرة، وما سمعناه وقرأناه عنه قبل وبعد وفاته، فمن تلك المعالم والصفات البارزة في مؤلفات الشيخ:
التميّز: أخذ الشيخ بكر على نفسه أن يكون متميزاً في طرحه و مؤلّفاته. ومن جوانب التميّز عند الشيخ: تميّزه في المقدمات التي يكتبها لبعض المؤلّفات أو التحقيقات التي يطلب أصحابها من الشيخ كتابة تقديم لها؛ لمكانته العلمية عند أهل العلم؛ حيث قام الشيخ بالتقديم لعدد ليس بالقليل من الكتب، وأذكر منها:
1 - تقديمه لـ (تفسير السعدي) طبعة دار ابن الجوزي، بعناية سعد الصميل.
2 - تقديمه (للموافقات) تحقيق الشيخ مشهور سلمان.
ومن الفوائد التي تهم القارئ في هذا الباب (التقديم للكتب) ما حدثني به الأستاذ سعد الصميل (صاحب دار ابن الجوزي، والمعتني بتفسير السعدي الذي طبعته الدار) حيث قال: بعد الفراغ من تحقيق الكتاب أعطيت الشيخ بكر نسخة من الكتاب - قبل طباعته - لينظر فيه ويقوم بكتابة مقدمة له، فمكث عنده فترة طويلة، ولمَّا كلمته في ذلك، قال لي: (إن مسألة التقديم والكتابة لأي كتاب - عندي - ليست بالأمر الهيّن؛ فإن من يريد أن يقدم لكتاب ما لا بد أن يأتي بشيء جديد يفيد القارئ و إلا فلا يُتعب نفسه).
وأُحيل القارئ الكريم على مقدمات الكتب التالية مما دبّجه الشيخ - عليه رحمة الله -: كتقديمه الرائع لكتاب (الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية) المطبوع ضمن مجموعة (مؤلفات وآثار شيخ الإسلام ابن تيمية) وهو مجلد كبير حوى تراجم من كتب مطبوعة و مخطوطة عن شيخ الإسلام، فقدّم الشيخ للكتاب بمقدمة بلغت نحو ثلاثين صفحة. و منها ما كتبه مقدِّماً لكتاب (الموافقات) للشاطبي الطبعة التي حقّقها الشيخ مشهور سلمان وطُبعت في ستة مجلدات، فجاءت مقدمة الشيخ مدخلاً حافلاً يليق بالكتاب والعمل الذي بذل فيه المحقق جهداً مباركاً.
¥