[الصبغ بالسواد]
ـ[ابراهيم المحسن]ــــــــ[02 - 07 - 03, 02:22 ص]ـ
منقول من
ما حكم صبغ الشعر بالسواد؟ مع بيان الأقوال والترجيح
الجواب:
للمسألة مقامان:
· أولهما: مقام اتفاق. وفيه مسألتان:
الأولى: استعمال الصبغ بالسواد في الحرب والجهاد. حيث اتُّفِق على جواز ذلك. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في: ((فتح الباري)): "ويُسْتثنى من ذلك ـ أي: النهي عن الصبغ بالسواد ـ المجاهد، اتفاقاً "ا. هـ. وحكاه أيضاً القسطلاني رحمه الله في: ((إرشاد الباري لشرح صحيح البخاري)). (وعِلَّته: ارهاب العدو) قاله ابن عَلاّن رحمه الله في: ((دليل الفالحين))، وكذا غيره.
والثانية: استعمال الصبغ بالسواد للتلبيس والخداع، كأَنْ تفعله امرأة عند الخِطْبة تدليساً فهذا متفق على مَنْعِهِ وذمِّه. قال المباركفوري رحمه الله في: ((تحفة الأحوذي)): "وهو - أي: الخضب بالسواد لغرض التلبيس والخداع - حرام بالاتفاق "ا. هـ. لحديث: ((من غشنا فليس منا)).
والثاني: مقام اختلاف. حيث اختُلِف في غير المسألتين السابقتين على أقوال:-
أولها: الكراهة. وهو مذهب المالكية والحنابلة، وقولٌ عند الحنفية والشافعية اعتمده جماعة من أصحابهم. فقد جاء في: ((أسهل المدارك شرح إرشاد السالك في فقه الإمام مالك)) للكشناوي رحمه الله قوله: "ويكره صبغ الشعر بالسواد "ا. هـ. وفي: ((حاشية العدوي)) قوله: "ويكره صباغ الشعر الأبيض وما في معناه من الشقرة بالسواد، من غير تحريم "ا. هـ.
وجاء في ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني رحمه الله قوله: "وكُرِه تغيير الشيب بسواد في غير حرب، وحَرُمَ للتدليس "ا. هـ. وفي: ((الإقناع لطالب الانتفاع)) للحجاوي رحمه الله قوله: "ويكره بسواد، فإن حصل به تدليس في بيع أو نكاح: حَرُم "ا. هـ. وجاء في: ((حاشية ابن عابدين)) قوله: "وبعضهم - أي: الحنفية - جوَّزه بلا كراهة "ا. هـ. وجاء في: ((المجموع شرح المهذب)) للنووي رحمه الله قوله: "اتفقوا - أي: الشافعية - على ذم خضاب الرأس واللحية بالسواد، ثم قال الغزالي في: ((الإحياء)) والبغوي في: ((التهذيب)) وآخرون من الأصحاب: هو مكروه، وظاهر عباراتهم أنه كراهة تنزيه "انتهى المراد.
وثانيها: التحريم. وهو قول عند الشافعية صَوّبه النووي رحمه الله وجماعة. قال النووي رحمه الله في: ((المجموع)): "اتفقوا - أي: الشافعية - على ذم خضاب الرأس واللحية بالسواد. ثم قال الغزالي في: ((الإحياء)) والبغوي في: ((التهذيب)) وآخرون من الأصحاب: هو مكروه وظاهر عباراتهم أنه كراهة تنزيه. والصحيح بل الصواب: أنه حرام. وممن صَرّح بتحريمه صاحب ((الحاوي)) في باب الصلاة بالنجاسة "ا. هـ.
وقال رحمه الله في: ((شرح مسلم)): "ومذهبنا استحباب خضاب الشيب للرجل والمرأة بصُفْرة أو حُمْرة، ويحرم خضابه بالسواد على الأصح. وقيل: يكره كراهة تنزيه، والمختار: التحريم "ا. هـ.
وقد كان المشهور عن الشافعية: الكراهة، قال العيني رحمه الله في: ((عمدة القاري)): "وعن الشافعية أيضاً روايتان، والمشهور يكره، وقيل: يحرم "انتهى المراد. لكن قال السفاريني رحمه الله في: ((شرح ثلاثيات المسند)): "قال في: ((الفروع)): (وللشافعية خلاف)، ومُعْتَمد مذهبهم الآن: الحرمة "ا. هـ. والمنقول عن: ((الفروع)) لابن مفلح رحمه الله مسبوق بقوله فيه: "ويكره بسواد، وفاقاً للأئمة، نص عليه - أي: الإمام أحمد رحمه الله - "ا. هـ. مع قوله في: ((الآداب الشرعية)): "وعند الشافعية يستحب خضاب الشيب للرجل والمرأة بصفرة أو حمرة، ويحرم بالسواد على الأصح عندهم "ا. هـ.
وثالثها: الجواز. وهو قول عند الحنفية، قال في: ((حاشية ابن عابدين)): "وبعضهم جوَّزه بلا كراهة - يعني: الخضاب بالسواد - رُوي عن أبي يوسف أنه قال: (كما يعجبني أن تتزين لي، يعجبها أن أتزيَّن لها) ": وقال في: ((الحاشية)) أيضاً: "والأصح أنه لا بأس به في الحرب وغيره "ا. هـ.
وَصْلٌ: قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في: ((فتح الباري): "ومنهم - أي: العلماء - من فَرَّق ذلك بين الرجل والمرأة، فأجازه لها دون الرجل. واختاره الحليمي "ا. هـ.
والأصح والأَقْوى في المسألة: الجواز مع الكراهة دون تحريم. وبه قال الجمهور والأكثر، قال علي القاري رحمه الله في: ((جَمْع الوسائل في شرح الشمائل)): "ذهب أكثر العلماء إلى كراهة الخضاب بالسواد "ا. هـ.
¥