[أحكام النعي للشيخ خالد بن عبدالله المصلح]
ـ[المستفيد7]ــــــــ[07 - 07 - 03, 10:06 م]ـ
النعي
فضيلة الشيخ/ خالد بن عبدالله بن محمد المصلح
6/ 5/1424
06/ 07/2003
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على البشير النذير نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد،
فهذا بحث مختصر لبيان أحكام النعي وصوره المعاصرة أسأل الله أن يلهمني فيه الصواب، وأن ينفع به، وقد جعلته في مبحثين.
المبحث الأول: تعريف النعي
المطلب الأول: تعريفه في اللغة
قال ابن فارس:"النون والعين والحرف المعتل أصل صحيح يدل على إشاعة الشيء، منه: خبر الموت" (1)
المطلب الثاني: تعريفه في الاصطلاح
معنى النعي في الاصطلاح أوسع منه في اللغة. ويتضح ذلك مما قاله أهل العلم في تعريفه.
قال الترمذي في جامعه:" والنعي عندهم أن ينادى في الناس أن فلاناً مات ليشهدوا جنازته" (2).قال ابن الأثير في النهاية:" نعى الميت ينعاه نعياً، ونِعِياً، إذا أذاع موته، وأخبر به، وإذا ندبه" (3).وقال ابن عابدين:" هو الإخبار بالموت (4).وقال القليوبي في حاشيته:" وهو النداء بموت الشخص، وذكر مآثره ومفاخره" (5).
وقال الحجاوي في الإقناع:" وهو النداء بموته" (6).
وقد ساق المنبجي عدة آثار في النعي ثم قال بعد ذلك:" منها مايدل على أن النعي إعلام الناس بأن فلاناً قد مات. ومنها مايدل على أن النعي هو تعداد صفات الميت. فالظاهر أن كليهما نعي" (7).
فظهر مما تقدم أن النعي عند أهل العلم منهم من يقصره على النداء بالموت، ومنهم من يدخل فيه الإخبار بالموت المقرون بمدح الميت وتعداد صفاته.
والذي يظهر لي أن النعي يطلق على الإخبار بموت الميت وإذاعة ذلك، ويطلق أيضاً على ما قد يصاحب ذلك من قول كتعداد مناقب الميت، أو فعل كشق الجيوب وضرب الخدود، والله أعلم.
المطلب الثالث: ألفاظ تشارك النعي
هناك ألفاظ يطلقها أهل العلم ويذكرون لها أحكاماً، وهي تشارك النعي من بعض الوجوه، ولذلك نحن بحاجة إلى الوقوف على معاني هذه الألفاظ.
:أولاً: الندب
وهو في اللغة حسن الثناء على الميت (8)، وقيل: دعاء الميت بحسن الثناء عليه وافلاناه (9)، وقيل: الإقبال على تعداد محاسن الميت كأن الميت يسمعها (10).
أما الاصطلاح فقال ابن الأثير في النهاية في تعريف الندب:هو" أن تذكر النائحة الميت بأحسن أوصافه، وأفعاله" (11).وقال النووي:" الندب: أن تعد شمائل الميت وأياديه. فيقال: واكريماه ... " (12).وقال ابن المبرد:"الندب البكاء على الميت وتعداد محاسنه" (13).
قال المنبجي:"اسم للبكاء على الميت وتعداد محاسنه" (14).
وعلى هذا فإن الندب يشترك مع النعي في كونه تعداداً لصفات الميت ومحاسنه.
ثانياً: النياحة:
وهي في اللغة من النوح، وهو يدل على مقابلة الشيء للشيء (15)، والنياحة على الميت هي البكاء عليه بجزع وعويل (16).
وأما في الاصطلاح فهي موافقة للمعنى اللغوي قال في الإقناع:" وهي رفع الصوت بذلك ـ أي بالندب ـ برنة" (17).وقال في الزواجر:"النوح وهو رفع الصوت بالندب، ومثله إفراط رفعه بالبكاء .. " (18).
وقد وسَّع بعض أهل العلم معنى النياحة فجعل منها كل ما هيَّج المصيبة من وعظ أو إنشاء شعر، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (19) ومن هذا يتبين أن النياحة هي إظهار الجزع والتسخط على موت الميت.
قال القرافي:" وصورته: أن تقول النائحة لفظاً يقتضي فرط جمال الميت وحسنه وكمال شجاعته وبراعته وأبهته ورئاسته وتبالغ فيما كان يفعل من إكرام الضيف والضرب بالسيف والذب عن الحريم والجار إلى غير ذلك من صفات الميت التي يقتضي مثلها أن لا يموت، فإن بموته تنقطع هذه المصالح ويعز وجود مثل الموصوف بهذه الصفات ويعظم التفجع على فقد مثله، وأن الحكمة كانت بقاءه وتطويل عمره لتكثر تلك المصالح في العالم. فمتى كان لفظها مشتملاً على هذا كان حراماً، وهذا شرح النوح. وتارة لا تصل إلى هذه الغاية غير أنها تبعد السلوة عن أهل الميت وتهيج الأسف عليهم، فيؤدي ذلك إلى تعذيب نفوسهم وقلة صبرهم وضجرهم، وربما بعثهم ذلك على القنوط وشق الجيوب وضرب الخدود، فهذا أيضاً حرام" (20).
ثالثاً: الرثاء:
¥