[تنبيهات على بعض ما وقع في كتب الأئمة الثقات ... (7) هل يقال: (ذات الله)؟]
ـ[عيد فهمي]ــــــــ[23 - 04 - 08, 03:22 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد
فقد قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح الأربعين النووية:
(وليس النفس صفة كسائر الصفات: كالسمع والعلم والقدرة، فالنفس يعني الذات، فقوله: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) يعني ذاته، وقوله هنا: "عَلَى نَفْسِي" يعني على ذاتي، وكلمة (نفس) أصوب من كلمة ذات لكن شاع بين الناس إطلاق (الذات) دون إطلاق (النفس)، ولكن الأصل العربي: النفس.)
قال رحمه الله في شرح العقيدة السفارينية:
(الكلام على مسألة الذات:
أصل (الذات) كلمة مولدة بالمعنى المراد بها؛ لأن المراد بها عند القائلين كلمة ذات وصفات، المراد بها النفس، فذات الإنسان يعني نفس الإنسان.
فالله سبحانه وتعالى لم يعبر عن نفسه بـ (الذات)، إنما عبر عن نفسه بـ (النفس)،
فقال: {ويحذركم الله نفسه}، وقال عز وجل عن عيسى: {تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك}
وأصل الذات في اللغة العربية: بمعنى صاحبة، فيقال مثلاً: ذات علم، ذات قدرة، ويقال للمرأة: ذات جمال، وما أشبه ذلك، فهي (ذات) بمعنى (صاحبة)، تضاف إلى صفة.
ونقلها المتكلمون من كونها تضاف إلى صفة وجعلوها اسماً للموصوف، فقالوا: كل موصوف قائم بنفسه فهو ذات، فمثلاً: أصل (ذات الله) يعني (ذات الألوهية)، فنقلوا كلمة: (ذات) إلى (الشيء القائم بنفسه) وقطعوه عن الإضافة.
ولم تكن من كلام العرب ولا يعرفها العرب بهذا المعنى أي بأنها قائمة مقام النفس.
لكن هم لما قالوا: (ذات علم)، قالوا: إذن معناه علم صفة وذات موصوف، فنقول: الموصوف نطلق عليه اسم (ذات)، فقالوا: بدل من (الله) و (صفاته)، قالوا: الذات والصفات، لكن لا مشاحة في الاصطلاح يعني أن العلماء تقبلوا هذا، وصاروا يقولون: ذات وصفات، صفات الذات، صفات الأفعال
وإلا فهي في الأصل ليست من كلام العرب)
ولا أدري علامَ استند الشيخ رحمه الله في دعواه أن (ذات الله) مولدة وشاعت بين الناس وأن الأصوب (نفس الله)؟
فقد وردت هذه الكلمة على لسان النبي صلى الله عليه وسلم وعلى لسان أصحابه وعلى لسان علماء أهل السنة إلى عصرنا هذا بغير نكير!
بل وجاءت في أشعار العرب في الجاهلية وصدر الإسلام وجميع العصور حتى عصرنا هذا.
ثم وقفت على من سبق الشيخ لهذا الإنكار، ألا وهو ابن برهان من النحاة حيث قال: (قول المتكلمين (ذَاتُ اللهِ) جهل؛ لأن أسماءه لا تلحقها تاء التأنيث فلا يقال: علّامة وإن كان أعلم العالمين. قال: وقولهم: الصفات (الذَّاتِيَّةُ). خطأ أيضا؛ فإن النسبة إلى (ذَاتٍ) (ذَوَوِيٌّ)؛ لأن النسبة ترد الاسم إلى أصله)
وكأن الشيخ رحمه الله كان متابعا له في ذلك ثم رجع عن قوله فقد قال في شرح القواعد المثلى:
(منع بعض العلماء أن تقول ذات بالنسبة لله. لماذا؟
لأن التاء للتأنيث ولا يجوز استعمال الكلمة المؤنثة بالتاء ولو للمبالغة ولهذا لا يجوز أن تقول: إن الله علّامة ويجوز أن تقول: إن هذا الرجل علّامة أما الله فتقول علام الغيوب فأنت إذا أتيت بذات تريد الرب عز وجل فإن هذا يعني تأنيث ما يضاف إلى الله وهذا لا يجوز.
لكن هذا خلاف استعمال جمهور علماء المحققين)
لكن اقتصاره على نسبة الاستعمال على العلماء المحققين يوهم أن هذا الاستعمال لا يعرف في لسان العرب واستعمالهم كما ذكر الشيخ قبلُ
ولذلك فسوف أمثل لذلك من السنة وأقوال الصحابة وأقوال العلماء وأشعار العرب وأكتفي في كل واحدة بمثال أو اثنين أو أكثر دون استيعاب لبيان خطأ ما ذهب إليه ابن برهان وتابعه عليه الشيخ رحمه الله في الموضعين المذكورين من كونها مولّدة أو استحدثها المتكلمون، وسأسردها سردا بغير تعليق ولا تحقيق ولا تمييز بين صحيح وضعيف، إذ المقصود ذكر هذه اللفظة (ذات الله)
أولا السنة:
¥