تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تحرير رأي ابن تيمية في انقسام الدين إلى أصول وفروع]

ـ[سلطان العميري]ــــــــ[11 - 05 - 08, 12:05 ص]ـ

[تحرير رأي ابن تيمية في انقسام الدين إلى أصول وفروع]

الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين , وعلى آله وصحبه أجمعين ......... أما بعد:

فقد أكثر ابن تيمية الكلام عن مسألة تقسيم الدين إلى أصول وفروع , في مواطن كثيرة من كتبه , وبحث هذه المسألة من وجوه كثيرة , فهو تارة يذكر أقوال الناس فيها , وتارة يناقش بعضها ويبين مواطن الغلط فيها , وتارة يصرح بإنكار ذلك التقسيم ويحكم عليه بالبدعة , وتارة يستعمله في حال التقرير والبيان.

وهذا التنوع والإكثار تسبب في الاشتباه والاضطراب في تحرير رأي ابن تيمية في انقسام الدين إلى أصول وفروع , وتحديد موقفه الصحيح من هذا الانقسام , ولهذا اختلف الناظرون في كلامه , فمنهم من ينسب إليه القول بإنكار ذلك التقسيم وأنه ممن يحكم عليه بالبدعة ومن ثم البطلان , ومنهم من خَلُص إلى أن لابن تيمية في هذه المسألة قولان , ومنهم من توصل إلى أن ابن تيمية غير منكر لأصل تقسيم الدين إلى أصول وفروع , وإنما ينكر الأقوال التي قيلت في ضابط كل قسم والأحكام التي رتبت عليه.

ولما كان الأمر كان احتاج قوله في هذه المسألة إلى تحرير وبيان , وهذا التحرير إنما يكون بتتبع أقواله واستقرائها في كتبه أولاً , ثم اعتبار أصوله وقواعده التي اعتمد عليها في بناء أفكاره وأقواله وآرائه ثانياً , فهذان الأمران بهما يتحقق المنهج الصحيح في نسبة الأقوال إلى العلماء ممن لم ينص على قوله صراحة , وذلك أن نسبة قول ما إلى عالم من العلماء لا بد فيه من مجموع أمرين هما:

الأمر الأول: جمع كلامه في المسألة التي يراد بحثها , وتقرير مدلولاتها ومفهوماتها.

والأمر الثاني: اعتبار أصوله التي اعتمدها والقواعد التي قررها في كتبه.

فبهذين الأمرين يستطيع القاصد لتحرير قولٍ معين لإمام ما أن يتوصل إلى قوله الحقيقي بإذن الله تعالى , وهذا ما أرجو أن يكون البحث التزمه.

وكلام ابن تيمية في تقسيم الدين إلى أصول وفروع يحتاج إلى تحرير أمرين هما:

الأمر الأول: تحرير موقفه من أصل الانقسام.

الأمر الثاني: تحرير الضابط الصحيح لكل من أصول الدين وفروعه.

ولأجل هذا فإن البحث سيتكون مفرع إلى فرعين كل فرع معقود لتحرير أمر من الأمرين السابقين.

الفرع الأول

تحرير رأي ابن تيمية في أصل تقسيم الدين إلى أصول وفروع

الناظر في كلام ابن تيمية فيما يتعلق بتقسيم الدين إلى أصول وفروع من حيث قبوله له أو رده يجد أن كلامه منقسم إلى قسمين: الأول: كلام يدل على أن تقسيم الدين إلى أصول وفروع تقسيم صحيح مقبول من حيث الأصل , والثاني: كلام يمكن أن يُفهم منه أن تقسيم الدين إلى أصول وفروع منكر وبدعة ومردود , ولأجل هذا فإن الفرع الأول لا بد أن يقسم إلى مسألتين هما:

المسألة الأولى

كلام ابن تيمية الذي يدل على أن تقسيم الدين إلى أصول وفروع صحيح مقبول

عند التأمل في كلام ابن تيمية وفي أصوله ومواقفه من المصطلحات الحادثة يدرك المرء أنه غير منكر لأصل تقسيم الدين إلى أصول وفروع هكذا بإطلاق , وأنه لا يصح إطلاق القول بأن ابن تيمية ممن يحكم على ذلك التقسيم بالبطلان والبدعية , بل الذي يدل عليه كلامه أنه ممن يقول بانقسام الدين إلى ذلك التقسيم , وأنه من المعتبرين له , وأن جهة البطلان عنده في هذا التقسيم ليست راجعة إلى أصله , وإنما إلى تفاصيله المذكورة له إما من جهة الضابط أو من جهة الحكم المرتب عليه , وأن جميع إنكارات ابن تيمية لتقسيم الدين إلى أصول وفروع راجعة إلى هذين الأمرين أو أحدهما كما سيأتي تحريره.

ومما ينبغي أن ينبه عليه هنا أن البحث إنما هو في بيان موقفه من حيث القبول والرد فقط , بحيث يحرر قول ابن تيمية في هذا التقسيم هل يقبله أم لا؟ , وأما كونه يرى أنه هو الأفضل أو أنه يدعو إلى إبقائه في العلوم الإسلامية أو غير ذلك , فهذا ليس غرضا للبحث هنا.

والذي يدل من كلامه على كونه يرى صحة تقسيم الدين إلى أصول وفروع أمور كثيرة منها:

الأمر الأول: استعماله لتقسيم الدين إلى أصول وفروع في مقام التقرير والتأصيل , ومن كلامه في ذلك:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير