تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[قواعد في الصفات]

ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[17 - 05 - 08, 01:59 م]ـ

[قواعد في الصفات]

* بقلم / د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

القاعدة الأولى: صفات الله تعالى نوعان: ذاتية، وفعلية.

فالذاتية: الملازمة لذاته سبحانه التي لا يتصور انفكاكها عن الله تعالى وخلوه منها. ومثال هذا النوع: صفة الحياة، والسمع، والبصر، والعلم، والقدرة، والحكمة.فكل وصف لا يمكن أن يخلو الله، عز وجل، منه في أي حال، فهو وصف ذاتي، ملازم لذاته.

والفعلية: المتعلقة بمشيئته سبحانه وحكمته، أي التي يفعلها متى شاء.

ومثال ذلك: الاستواء، والنزول، والفرح، والعجب، والضحك، والمجيء، والإتيان.

فصفة (المجيء) مثلاً: قال الله عز وجل: (وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً) الفجر22. هذا المجيء يحصل يوم القيامة. إذاً هو ليس وصفاً ذاتياً لله، سبحانه وتعالى، وإنما يفعله سبحانه، حسب ما تقتضيه حكمته ومشيئته.

وصفة (النزول) إلى سماء الدنيا تحصل حين يبقى ثلث الليل الآخر. إذاً هذا النزول ليس وصفاً ذاتياً لله، سبحانه وتعالى، وإنما متعلق بمشيئته سبحانه.

كذلك (الاستواء)، فقد أخبر الله، عز وجل، أنه خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش. و (ثم) في لغة العرب تفيد الترتيب والتراخي. إذاً نجزم بأنه حين خلق السموات والأرض لم يكن مستوياً على العرش، فلما خلقهن استوى عليه.

وصفة (الفرح) مقترنة بتوبة عبده إذا تاب، كما في الحديث. إذاً فهو وصف متعلق بسبب، يوجد بوجوده.

وصفة (الضحك) دل عليها قوله صلى الله عليه وسلم: (يضحك الله لرجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة) [1] متعلق بسبب، يوجد بوجوده.وهكذا.

وثمَّ صفات يقال عنها: (ذاتية فعلية)، يمثلون لها بصفة الكلام. فهو ذاتي باعتبار أصل الصفة، فعلي باعتبار آحادها وأفرادها. فالله، سبحانه وتعالى، من صفته ومن شأنه الكلام، وهو منزه عن ضده، وهو الخرس. لكنه، سبحانه، يتكلم حسب مشيئته، متى شاء، كيف شاء. فهو قد كلم الأبوين في الجنة، وكلم أنبياءه؛ كلم موسى من الطور وكلم نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم، ليلة المعراج، ويكلم عيسى بن مريم، يوم القيامة قائلاً: (أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ) المائدة: 116، فهو سبحانه تكلم، ويتكلم، وسيتكلم، حسب ما تقتضيه حكمته ومشيئته.

فالكلام إذاً، باعتبار أصله صفة ذاتية، وباعتبار تجدد آحاده وأفراده صفة فعلية. ولذلك يعبر بعض العلماء بالقول إنه (قديم النوع حادث الآحاد).

والواقع، أنه عند التأمل، نجد أن الصفات الفعلية كلها يمكن أن ينطبق عليها ذلك! بمعنى أن جنس الصفات الفعلية وصف ذاتي لله تعالى؛ فهو لم يزل، ولا يزال، ولن يزال فعالاً لما يريد، كما قال عن نفسه بصيغة المبالغة: (فعال لما يريد) الفجر: 16، ولكن صور الفعل متنوعة، متجددة، حسب ما تقتضيه مشيئته وحكمته. وبهذا التقرير نخرج من طائلة الدعوى الباطلة، التي يدعيها المتكلمون، المنكرون للصفات الفعلية، بقولهم: إنكم بذلك تثبتون لله وصفاً حادثاً، بعد أن لم يكن، وتجعلونه محلاً للحوادث.

وقد حقق هذا المقام الشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي، رحمه الله، تحقيقاً فريداً، وحرره تحريراً بليغاً، في جواب مسائل لبعض طلابه الذين يراسلهم في الكويت، جمعت في كتاب سمي: (الأجوبة الكويتية).

القاعدة الثانية: صفات الله قسمان: ثبوتية، وسلبية.

فالإثبات يكون لصفات الكمال. والنفي يكون لصفات النقص.

فصفة العلم ثبوتية لأن الله أثبتها لنفسه. وصفة الولد منفية، لأن الله نفاها عن نفسه. فما أثبته الله لنفسه فهو كمال لا نقص فيه بوجه من الوجوه. وما نفاه الله عن نفسه فهو نقص لا كمال فيه بوجه من الوجوه.

وهذا في حقه، سبحانه وتعالى، لكن من الصفات ما قد يكون كمالاً في حق الخالق، نقصاً في حق المخلوق، كصفة (الكبرياء). ومن الصفات ما يكون نقصاً في حق الخالق، كمالاً في حق المخلوق، كصفة (الولد). لأن الولد يلزم منه المماثلة؛ فالولد من جنس أبيه، ولأن الولد إنما يطلب للحاجة، والله الغني عن كل شيء.

القاعدة الثالثة: باب الصفات أوسع من باب الأسماء.

لأن الاسم لا يثبت إلا بوروده اسماً، فليس لأحد أن يسمي الله اسماً لم يرد في الكتاب والسنة. بينما الصفات ترد من ثلاثة موارد:

أولاً: من الاسماء الحسنى: فكل اسم يتضمن صفةً، ولا يلزم العكس. فإذا قال الله سبحانه وتعالى: (وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) الروم: 54، فنستمد منهما وصفين: العلم والقدرة.

ثانياً: ورود الصفة بلفظها. قال الله عز وجل: (وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ) الأنعام: 133، وقال: (مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً) فاطر: 10، فأثبت لنفسه الرحمة، والعزة بلفظيهما.

ثالثاً: من الأفعال الربانية: فمن قوله: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) طه:5، نستفيد إثبات صفة الاستواء. ومن قوله: (وَجَاء رَبُّكَ) الفجر: 22،نستفيد إثبات صفة المجيء. وهكذا.

بينما الأسماء لا يمكن أن تشتق من الصفات. فلا يصح أن تشتق من قوله: (وجاء ربك) اسم الجائي، ولا من قوله: (وَلَكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ) البقرة: 253، المريد.

فلهذا كان باب الصفات أوسع من باب الأسماء، لتعدد موارده.

* / قسم العقيدة - كلية الشريعة وأصول الدين - جامعة القصيم

28/ 10/1428

[1] أخرجه أحمد 2/ 318 (8208). و"مسلم" 6/ 40 من حديث أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يضحك الله لرجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة. قالوا كيف يا رسول الله قال يقتل هذا فيلج الجنة ثم يتوب الله على الآخر فيهديه إلى الإسلام ثم يجاهد فى سبيل الله فيستشهد)).

وجاء بلفظ آخر ((يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة، يقاتل هذا فى سبيل الله فيقتل، ثم يتوب الله على القاتل فيستشهد)) عند "البخاري" 4/ 28 (2826) واللفظ له و"مسلم" 6/ 40 و"ابن ماجة" 191 و"النسائي" 6/ 38 وفي "الكبرى" 4358 وفي 6/ 38 وفي "الكبرى" 4359 -

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير