تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مصدر تلقي العقيدة الإسلامية]

ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[20 - 05 - 08, 11:17 ص]ـ

مصدر تلقي العقيدة هو كتاب الله سبحانه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يجب التمسك والاعتصام بهما، وقد تكفل الله لمن اتبعهما بأن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، قال تعالى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} {قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا} {قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} (طه الآيات: 123 - 126).

وامتن سبحانه على هذه الأمة بأن بعث فيهم رسولا من أنفسهم يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، فقال تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (الجمعة الآية: 2).

وأقسم سبحانه أنه لا يحصل الإيمان لأحد حتى يحكِّم الرسول صلى الله عليه وسلم ويسلم لحكمه، فقال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (النساء الآية: 65).

ومنهج أهل الحق - وهم أهل السنة والجماعة - الاعتماد على الكتاب، والسنة، وتعظيم نصوصهما، فيعتصمون بها، ولا يعرضونها لتحريف أو تأويل يخرجها عن مراد الله أو مراد رسوله، كما يفعل أهل البدع والأهواء، ويقفون فلا يخوضون في آيات الله، وأحاديث رسوله بغير علم، بل يتدبرون كتاب الله وسنة رسوله كما أمرهم سبحانه بقوله: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} (النساء الآية: 82)، وقوله: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ} (المؤمنون الآية: 68)، وقوله: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} (ص الآية: 29)، وقوله: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} (يوسف الآية: 1)، وقوله: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} (آل عمران الآية: 138)، وقوله: {فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} المائدة الآية: 92)، وقوله: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (النحل الآية: 44).

ويستعينون في فهم مدلول نصوصهما بآثار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أهل السبق والفضل، وأقوال التابعين لهم بإحسان، وما عرف من لغة العرب، ويكلون ما لم يعلموه إلى عالمه سبحانه وتعالى.

وهم في هذا الصدد لا يعارضون الكتاب والسنة بعقولهم وآرائهم، بل يقررون أن النقل والعقل لا يتعارضان، إذا كان النقل صحيحا، والعقل صريحا (1).

بل إن النقل تضمن أدلة عقلية على المطالب الدينية، ففي الاستدلال على وجود الله، قال سبحانه: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} (الطور الآية: 35)، وفي الاستدلال على الوحدانية قال: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} (المؤمنون الآية: 91)، وفي الاستدلال على العلم قال: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (الملك الآية: 14).

والعقل يمكن أن يدرك جملا من مقررات علم العقيدة، مثل أن الله موجود، وواحد، وحي، وعال على مخلوقاته، عليم بهم، قادر، حكيم مستحق للعبادة وحده دون سواه، ونحو ذلك، لكن لا يمكن أن يستقل بمعرفة وإدراك تفاصيل هذا العلم، إذ لا تدرك التفاصيل إلا من الكتاب والسنة.

ولأننا اشترطنا لانتفاء التعارض بين النقل والعقل أن يكون العقل صريحا لم يطرأ عليه انحراف أو تغيير - نقول: إذا وجد ما يوهم التعارض بين النقل الثابت والعقل وجب تقديم النقل لسببين:

الأول: أن النقل ثابت، والعقل متغير.

الثاني: أن النقل معصوم، والعقل ليس كذلك.


(1) المراد بالنقل الصحيح: القرآن الكريم والسنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعقل الصريح: السليم من الانحراف والشبه. وقد دلت النصوص الشرعية على أن القلوب مفطورة على معرفة الحق وقبوله، وقد بعث الله الرسل - عليهم السلام - بتقرير الفطرة وتكميلها، ولكن الفطرة قد تنحرف انظر ص 13 - 15.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير