تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[قواعد في دلالة النصوص]

ـ[عبدالله عبدالعزيز]ــــــــ[17 - 05 - 08, 01:49 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحبم

[قواعد في دلالة النصوص]

* بقلم / د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي

القاعدة الأولى: طريقة القرآن النفي المجمل، والإثبات المفصل:

اللائق في مقام الإثبات التفصيل والترسل، لأنه تعريف. مثال ذلك: ما ختم الله به سورة الحشر من تعداد أسمائه الحسنى، وما ذيَّل به الآيات 59 - 65 من سورة الحج بذكر اسمين كريمين من أسمائه الحسنى في كل آية.

واللائق في مقام النفي الإجمال والتعميم، لأنه تنزيه. مثال ذلك: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) الشورى: 11، وقال: (وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ) الإخلاص: 4، وقال: (فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ) النحل: 74، وقال: (فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) البقرة: 22

ولا تكاد تجد نفياً مفصلاً. إلا لسببين:

أحدهما: وجود شبهة سابقة.

الثاني: دفع توهم متوقع.

فمثال الأول: نفي الله عن نفسه الولد، لأن اليهود قالت: عزير ابن الله، والنصارى قالت: المسيح ابن الله، ومشركو العرب قالوا: الملائكة بنات الله، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً. فكان من المناسب أن يفصل الله في النفي فيقول: (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) الإخلاص: 3، لنقض هذه الشبهة المستقرة عند اليهود، والنصارى، والذين لا يعلمون.

ومثال الثاني: قوله سبحانه (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) ق: 38، فربما وقع في نفس أحد أن هذا العمل العظيم يوجب التعب، فقال: (وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ)

فطريقة القرآن في وصف الرحمن: إثبات مفصل، ونفي مجمل. ومن العجب أن أهل الكلام المذموم، عكسوا الطريقة، فقالوا بنفي مفصل، وإثبات مجمل! فتجدهم إذا أتوا يعرفون بالله عز وجل يقولون: منزه عن الزمان، والمكان، ليس بذي مجسة، ولا رائحة، ولا ملمس، وليس داخل العالم، ولا خارجه، ولا فوق، ولا تحت، ولا يمين، ولا شمال، وليس بشبح، ولا صورة، ولا، ولا .... سبحان الله!

هذا النفي المفصل ليس من طريقة القرآن، بل إنه في الحقيقة لا يليق بالمدح حتى عند الآدميين، فلو أن إنساناً أراد أن يمدح ملكاً من الملوك، أو كبيراً من الكبراء، فإنك تجده يكثر من ذكر الصفات الثبوتية له، كأن يقول: أنت الكريم، وأنت الشجاع، ونحو ذلك.

ولو قال له: أنت لست بزبال، ولا كناس، ولا حجام، ولا حلاق، ولا جزار، ولا كذا! وأخذ يذكر الصفات المعيبة عند الناس لم يحمد له ذلك، بل يستهجن. لكن لو قال له: (ما مثلك أحد من الناس) لعد هذا مدحاً بليغاً.

القاعدة الثانية: الواجب إجراء النصوص على ظواهرها، وهي معلومة لنا باعتبار، مجهولة باعتبار آخر.

بعض الناس يظن أن ظواهر النصوص هو ما يقتضي مشابهة المخلوقين! فيظن أن الله تعالى إذا قال عن نفسه أنه سميع بصير، أن السمع كسمع المخلوق، والبصر كبصر المخلوق، فيقول: النصوص ليست على ظاهرها. والحق أن ظواهر النصوص لا تقتضي تشبيهاً، لأن الله سبحانه وتعالى أضاف هذه الأوصاف إلى ذاته الشريفة، فلما أضافها إلى ذاته تقيدت. وإذا أضيفت إلى المخلوق تقيدت. بل إن المخلوقات نفسها إذا أضيفت الأوصاف إليها تقيدت بما تضاف إليه، ووقع بينها التفاوت. فإذا قلت: (يد الإنسان) تبادر إلى ذهنك هذه اليد المكونة من كف وأصابع. وإذا قلت: (يد الباب) تبادر إلى ذهنك يد معدنية أو خشبية. وإذا قلت: (يد الحيوان) تبادر إلى ذهنك صورة مخالب أو نحو ذلك.

فالاشتراك إنما يكون في المعنى العام المطلق الكلي الذي محله الأذهان، وينتفي الاشتراك عند الإضافة إلى الأعيان، فلا يكون الظاهر دالاً على التشبيه.

والنصوص معلومة لنا باعتبار المعنى، مجهولة لنا باعتبار الكيفية؛ إذ كل صفة يتعلق بها ثلاثة أشياء: لفظ يعبر عنها، ومعنى ينبئ عنها، وكيفية هي عليها. والواجب علينا: 1 - إثبات اللفظ، وعدم التعرض له بزيادة، أو نقصان، أو تحريف.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير