تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تنبيهات على بعض ما وقع في كتب الأئمة الثقات ... (6) هل (الموجود) من الأسماء الحسنى؟]

ـ[عيد فهمي]ــــــــ[22 - 04 - 08, 07:45 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

أما بعد

فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في درء تعارض العقل والنقل (3/ 67):

(وقد رأيت كتابا لبعض أئمة الباطنية سماه الأقاليد الملكوتية سلك فيه هذا السبيل وصار يناظر كل فريق بنحو من هذا الدليل فإنهم وافقوه على تأويل السمعيات ووافقوه على نفي ما يسمى تشبيها بوجه من الوجوه فصار من أثبت شيئا من الأسماء والصفات كاسم (الموجود) و (الحي) و (العليم) و (القدير) ونحو ذلك يقول له: هذا فيه تشبيه)

فهذا يوهم أن (الموجود) يدخل في جملة الأسماء الحسنى، ثم وقفت على كلام له في موضع آخر يعضّد هذا الفهم وهو قوله رحمه الله في مجموع الفتاوى (6/ 142):

(ويفرق بين دعائه والإخبار عنه فلا يدعى إلا بالأسماء الحسنى؛ وأما الإخبار عنه: فلا يكون باسم سيئ؛ لكن قد يكون باسم حسن أو باسم ليس بسيئ وإن لم يحكم بحسنه. مثل اسم شيء وذات وموجود إذا أريد به الثابت، وأما إذا أريد به الموجود عند الشدائد فهو من الأسماء الحسنى، كذلك المريد والمتكلم؛ فإن الإرادة والكلام تنقسم إلى محمود ومذموم فليس ذلك من الأسماء الحسنى بخلاف الحكيم والرحيم والصادق ونحو ذلك فإن ذلك لا يكون إلا محمودا.)

فظاهر ذلك أن (الموجود) يمكن أن يدخل في الأسماء الحسنى إذا أريد به (الموجود عند الشدائد)، ولا يدخل إذا أريد به (الثابت)، ولا شك أن الله يخبر عنه بأنه موجود، وأنه موجود عند الشدائد، بل هذا مما اتفق عليه أهل الإسلام بجميع طوائفهم إلا ما كان من غلاة الجهمية الذين يقولون: لا نقول: (موجود) ولا (لا موجود)

لكن من المعلوم أن باب الأخبار أوسع من باب الأسماء، قال الإمام ابن القيم رحمه الله في بدائع الفوائد (1/ 169):

(ويجب أن تعلم هنا أمور:

أحدها: أن ما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته كالشيء والموجود والقائم بنفسه فإنه يخبر به عنه، ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا)

فباب الأخبار ضابطه أن لا يخبر عنه باسم سيئ، كما قال شيخ الإسلام رحمه الله:

(وأما الإخبار عنه: فلا يكون باسم سيئ؛ لكن قد يكون باسم حسن أو باسم ليس بسيئ وإن لم يحكم بحسنه.)

أما باب الأسماء الحسنى فهو توقيفي، قال الإمام ابن القيم رحمه الله في بدائع الفوائد (1/ 170)

(ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفا كالقديم والشيء والموجود والقائم بنفسه

فهذا فصل الخطاب في مسألة أسمائه هل هي توقيفية أو يجوز أن يطلق عليه منها بعض ما لم يرد به السمع)

وليس كل فعل نسب لله يجوز أن يشتق منه اسم، فالفعل أيضا أوسع من الاسم، وباب الأفعال أوسع من باب الأسماء، قال الإمام ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين (3/ 415)

(الفعل أوسع من الاسم ولهذا أطلق الله على نفسه أفعالا لم يتسم منها بأسماء الفاعل كأراد وشاء وأحدث ولم يسم بالمريد والشائي والمحدث كما لم يسم نفسه بالصانع والفاعل والمتقن وغير ذلك من الأسماء التي أطلق أفعالها على نفسه فباب الأفعال أوسع من باب الأسماء)

وأسماء الله كلها حسنى والواح منها: (أحسن) لا (حسن)، فلابد لأسماء الله أن لا يدخلها نقص بوجه من الوجوه، أما ما كان منقسما إلى كامل وناقص فلا يدخل في الأسماء الحسنى، قال الإمام ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين (3/ 415 - 416)

(أما الموجود فإنه منقسم إلى كامل وناقص وخير وشر، وما كان مسماه منقسما لم يدخل اسمه في الأسماء الحسنى)

وقد أخطأ أقبح خطأ من اشتق له من كل فعل اسما وبلغ باسمائه زيادة على الألف فسماه الماكر والمخادع والفاتن والكائد ونحو ذلك وكذلك باب الإخبار عنه بالاسم أوسع من تسميته به فإنه يخبر عنه بأنه شيء وموجود ومذكور ومعلوم ومراد ولا يسمى بذلك)

ولعل شيخ الإسلام رحمه الله تعالى لم يقصد دخول (الموجود) في الأسماء الحسنى، فمن قرأ رسالته (الأكملية) الفذّة في بابها، علم أنه لا يثبت لله من الأسماء إلا أحسنها وأكملها، لكن لا شك أن كلامه الذي نقلناه موهم فلزم التنبيه، والله الموفق.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

وكتبه

عيد بن فهمي بن محمد بن علي الحسيني

عفا الله عنه

ـ[أبو مسلم التكسبتي]ــــــــ[24 - 04 - 08, 12:03 م]ـ

من كان له علم بقسمي الإخبار والإنشاء في هذا الباب لم تدخل عليه نواسخ (لعلّ) وأخواتها، فالكلام في الإخبار شيء والكلام في الإنشاء شيء ثانٍ، والأوّل أوسع من الثّاني، ومن تمسّك بالقواعد في هذا القِسْم سَلِم، ومن استقرأ كلام أهل العلم يجد ما يخالف القواعد العامّة أحيانا، فعليك بالأصول فمن حُرِمها حُرِم الوصول.

هذا ويجدر الإشارة هنا إلى أنّ (الموجود) يمكن أن يدخل في الأسماء الحسنى إذا أريد به (الموجود عند الشدائد) فيه تنبيهان: -أولاهما: أنّ هذا في باب الإخبار لا الإنشاء فتذكّر! -وثانيها: أنّه قد جاءنا من عند اللّه ما هو خير وأبقى فقال سبحانه: {أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} النّمل62، وعليه فما ظنّه صاحب الموضوع أنّه عاضد ليس بعاضد، وما استشكله من كلام في موضع فتفصيله في موضع آخر وما أُلْغِز عن شيخ الإسلام-رحمه اللّه- حلّه عنه تلميذه ابن القيّم-رحمه اللّه- وهكذا ... فاجعل هذا بين عينيك {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} يوسف64.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير