تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أهمية توحيد العبادة تأليف فضيلة الشيخ عبد المحسن بن حمد العبّاد البدر

ـ[بلال اسباع الجزائري]ــــــــ[12 - 05 - 08, 08:34 م]ـ

أهمية توحيد العبادة

تأليف

عبد المحسن بن حمد العبّاد البدر

الطبعة الأولى 1429هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

الحمد لله الذي قال في كتابه المبين:] وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ [[الذاريات: 56]، وقال:] الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ [[الأنعام: 1]، وأشهد أن لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إيّاه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد، فإن أوجب الواجبات وأهم المهمات إخلاص العبادة لرب الأرض والسماوات، وعدم صرف شيء منها لأحد من المخلوقات؛ لأنه للتكليف بتوحيد العبادة خُلق الجن والإنس، ولبيانه والدعوة إليه أنزلت الكتب وأُرسلت الرسل، وبسبب قبوله ورده حصل الانقسام إلى مؤمنين وكافرين وسعداء وأشقياء، ولا شك أن حاجة كل إنسان إلى معرفة هذا التوحيد والتعبد به فوق كل حاجة، وضرورته إليه فوق كل ضرورة؛ لأن في ذلك سعادة الدنيا والآخرة، وهذا التوحيد هو مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله المشتملة على ركنين: نفي عام وهو نفي العبادة عن كل من سوى الله، وإثبات خاص وهو إثباتها لله وحده، وإخلاص العمل لله أحد شرطي قبول العمل المتقرب به إلى الله، والشرط الثاني المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، وهو مقتضى شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعمل المقبول عند الله هو ما كان خالصاً لله ومطابقاً لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا فُقد شرط الإخلاص رُد العمل؛ لقول الله عز وجل:] وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا [[الفرقان: 23]، وقوله تعالى في الحديث القدسي: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه» رواه مسلم (7475) عن أبي هريرة رضي الله عنه، وإذا فُقد شرط المتابعة رُدَّ العمل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» رواه البخاري (2697) ومسلم (4492) من حديث عائشة رضي الله عنها، وفي لفظ لمسلم (4493): «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد»، والرواية الثانية أعم من الأولى؛ لأنها تشمل من أحدث ومن تابع من أحدث.

ولأهمية توحيد العبادة وأنه ينبغي العناية به من العلماء والدعاة إلى الله عز وجل رأيت كتابة هذه الكلمات، وأسأل الله عز وجل أن يوفق المسلمين للفقه في الدين والثبات على الحق وإخلاص العمل لله والمتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم، إنه سميع مجيب.

خلق الجن والإنس لتكليفهم بالعبادة

خلق الله الجن والإنس لعبادته، وأمرهم بتوحيده وطاعته، وقد انقسموا إلى قسمين سعيد وشقي، وعاص ومطيع، فمن أطاعه دخل الجنّة ومن عصاه دخل النار، قال الله عز وجل:] وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [[السجدة: 13]، وكلهم مأمورون منهيون، وهم مع هذا الأمر والنهي موفَّقون ومخذولون، ومعنى خَلْقهم للعبادة أي لتكليفهم وابتلائهم بها، وقيل: المراد بقوله:] إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ [مَن آمن منهم، قال القرطبي في تفسيره: «قيل: إن هذا خاص فيمن سبق في علم الله أنه يعبده، فجاء بلفظ العموم ومعناه الخصوص، والمعنى: وما خلقت أهل السعادة من الجن والإنس إلاّ ليوحدون»، وقال ابن كثير في تفسيره: «أي: إنما خلقتهم لآمرهم بعبادتي لا لاحتياجي إليهم»، وقال شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في (أضواء البيان: 7/ 714 ـ 715): «والتحقيق ـ إن شاء الله ـ في معنى هذه الآية الكريمة] إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ [أي: إلاّ لآمرهم بعبادتي وأبتليهم، أي: أختبرهم بالتكاليف ثم أجازيهم على أعمالهم، إن خيراً فخير وإن شراً فشر، وإنما قلنا: إن هذا هو التحقيق في معنى الآية؛ لأنه تدل عليه آيات محكمات من كتاب الله، فقد صرّح تعالى في آيات من كتابه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير