وقال أبو حاتم بن حبان البستيفي كتاب الضعفاء: محمد بن حميد الرازي كنيته أبو عبدالله: يروي عن ابن المبارك وجرير، حدثنا عنه شيوخنا مات سنة ثمان وأربعين ومائتين، كان ممن ينفرد عن الثقات بالأشياء المقلوبات، ولا سيما إذا حدث عن شيوخ بلده، سمعت إبراهيم بن عبدالواحد البغدادي يقول: قال صالح بن أحمد بن حنبل: كنت يوماً عن أبي إذ دق عليه الباب،فخرجت فإذا أبو زرعة ومحمد بن مسلم بن وارة فباس يده فلم ينكر عليه ذلك، وأما أبو زرعة فصافحه، فتحدثوا ساعة، قال ابن وارة: يا أبا عبدالله إن رأيت أن تذكر حديث أبي القاسم بن أبي الزناد، فقال: نعم حدثنا أبو القاسم بن أبي الزناد، عن إسحاق بن حازم، عن ابن مقسم يعني عبيدالله، عن جابر بن عبدالله أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ماء البحر؟ فقال: ((الطهور ماؤه، الحل ميتته)) وقام فقالوا: ماله، قلنا شك في شيء ثم خرج والكتاب بيده فقال في كتابه ميته بتاء واحدة والناس يقولون ميتته، ثم تحدثوا ساعة فقال له ابن وارة: يا أبا عبدالله رأيت محمد بن حميد، قال: نعم، قال: كيف رأيت حديثه؟ قال: إذا حدث عن العراقيين يأتي بأشياء مستقيمة، وإذا حدث عن أهل بلده مثل إبراهيم المختار وغيره أتى بأشياء لا تعرف لا يدري ما هي.
قال: فقال أبو زرعة وابن وارة: صح عندنا أنه يكذب، قال: فرأيت أبي بعد ذلك إذا ذكر ابن حميد نفض يده.
وقال العقيلي في الضعفاء: حدثني إبراهيم بن يوسف، قال كتب أبو زرعة ومحمد بن مسلم، عن محمد بن حميد، حديثاً كثيراً، ثم تركا الرواية عنه، وقال الحاكم أبو أحمد في كتاب الكنى: أبو عبدالله بن محمد بن حميد الرازي ليس بالقوي عندهم تركه أبو عبدالله بن يحيى الذهلي، وأبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة.
فإذا كانت هذه حال محمد بن حميد الرازي عند أئمة هذا الشأن، فكيف يقال في حكايته رواتها منقطعة: إسناد جيد مع أن طريقها إليه من ليس بمعروف.
وقد قال المعترض بعد أن ذكر هذه الحكاية، وتكلم في رواتها: فانظر هذه الحكاية وثقة رواتها وموافقتها، لما رواه ابن وهب عن مالك. هكذا قال! والذي حمله على ارتكاب هذه السقطة قلة علمه وارتكاب هواه، نسال الله التوفيق.
والذي ينبغي أن يقال: فأنظر هذه الحكاية وضعفها وانقطاعها ونكارتها وجهالة بعض رواتها ونسبة بعضهم إلى الكذب ومخالفتها لما ثبت عن مالك وغيره من العلماء).
وقريب من هذا نقل الذهبي وحكم عليه بالضعف كما في الميزان؛ وقال:
"قلتُ: ولم يكن يحفظ القرآن"
وحكم على القصة عبدالله بن عبدالحميد في (أنواع وأحكام التوسل):
(قصة مكذوبة، وسندها غريب ومنقطع)
وقال محقق قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الدكتور ربيع بن هادي:
(لقد بحثت عن رجال هذا الإسناد بدءً من أبي العباس أحمد بن عمر بن دلهات إلى أبي الحسن ابن المنتاب في "ترتيب المدارك" للقاضي عياض، و"الصلة" لابن بشكوال؛ فلم أقف لأحد منهم على ترجمة، فهو إسناد غريب حقاً كما وصفه شيخ الإسلام)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة):
(وهذه الحكاية منقطعة؛ فإن محمد بن حميد الرازي لم يدرك مالكاً لا سيما في زمن أبي جعفر المنصور؛ فإن أبا جعفر توفي بمكة سنة ثمان وخمسين ومائة، وتوفي مالك سنة تسع وسبعين ومائة، وتوفي محمد بن حميد الرازي سنة ثمان وأربعين ومائتين، ولم يخرج من بلده حين رحل لطلب العلم إلا وهو كبير مع أبيه، وهو مع هذا ضعيف عند أكثر أهل الحديث؛ كذبه أبو زرعة وابن وارة، وقال صالح بن محمد الأسدي: مات رأيت أحد أجرأ على الله منه، وأحذق بالكذب منه. وقال يعقوب بن شيبة: كثير المناكير. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال ابن حبان: يتفرد عن الثقات بالمقلوبات.
وآخر من روى "الموطأ" عن مالك هو أبو مصعب، وتوفي سنة اثنتين وأربعين ومائتين، وآخر من روى عن مالك على الإطلاق هو أبو حذيفة أحمد بن إسماعيل السهمي توفي سنة تسع وخمسين ومائتين، وفي الإسناد أيضاً من لا يعرف حاله.
وهذه الحكاية لم يذكرها أحدٌ من أصحاب مالك المعروفين بالأخذ عنه، ومحمَّد بن حميد ضعيف عند أهل الحديث إذا أسند، فكيف إذا أرسل حكاية لا تعرف إلا من جهته!!.
هذا إن ثبت عنه، وأصحاب مالك متفقون على أنه بمثل هذا النقل لا يثبت عن مالك قول له في مسألة في الفقه؛ بل إذا روى عنه الشاميون كالوليد بن مسلم، ومروان بن محمد الطاطري؛ ضعفوا رواية هؤلاء، وإنما يعتمدون على رواية المدنيين والمصريين، فكيف بحكاية تناقض مذهبه المعروف عنه من وجوه، رواها واحد من الخراسانيين لم يدركه، وهو ضعيف عند أهل الحديث!!)
ـ[أبو حمزة المقدادي]ــــــــ[05 - 05 - 08, 01:56 ص]ـ
جزاكم الله خيرا