3 - باب: و الباب: ما يدخل به إلى الشيء و اصطلاحا: اسم لجملة من العلم تحته أصول و مسائل غالبة.
4 - الفضل: الزيادة على الإقتصار و كل عطيّة لا تلزم من يعطي يقال: فضل و الفضل يقصد به هنا: الثواب و التكفير للذنوب و يؤيّده ما ذكره المصنّف رحمه الله تعالى في المسألة الثانية: كثرة ثواب التوحيد عند الله.
5 - و هذا معناه أن التوحيد له فضائل علمنا ذلك من إضافة المصدر إلى محلّ بأل و هو نكرة فأفاد العموم فيشمل كل فضل للتوحيد.
6 - و أل في التوحيد يحتمل أن المراد بالتوحيد هنا: توحيد العبادة فتكون أل للعهد الذهني و يحتمل أن يراد بها العموم فيكون ذلك شاملا لجميع أنواع التوحيد و استصوب القول الأول الحفيد الثاني في قرة عيون الموحّدين لدلالة الأدلة على ذلك و كذلك لتتابع الشرّاح على هذا فهم جعلوا هذا الباب تابع للأول أي توحيد العبادة و لا يلزم من ذلك انتفاء القسمين الآخرين لدلالة توحيد الألوهية عليهما إما بالتضمّن و إما باللزوم.
7 - المصنّف رحمه الله تعالى علّق الفضل على العمل الذي هو التوحيد و لم يعلّقه على العامل و هو الموحّد و ذلك منه لوجهين:
أولهما: لأن الحكم على العمل يتبعه الحكم على العامل و كذلك الفضل و إن كان الوارد في كثير من النصوص ذكر ثواب و فضل العاملين فيمدح العاملون للدلالة على فضل العمل.
ثانيا: لأن إثبات الفضل في العمل يحتاج إلى إثبات أدلّة الفضل و أما إثباته في العامل فهذا يحتاج إلى شروط و نظر لأنه من باب إنزال الوعد على المعيّن.
8 - " و ما يكفّر من الذنوب ": لو قيل بأن ما موصولة فإن في ذلك إيهاما بأن التوحيد يكفّر عض الذنوب و الأظهر أنها مصدرية و إليه ذهب الحفيد الثاني رحمه الله تعالى.
9 - ما يكفّر: الفعل مشتق من الكفر و الكفر لغة: ستر الشيء و وصف الليل بالكافر لستره الأشخاص و الزّراع يسمى كافرا لأنه يستر البذر في الأرض.
و التكفير: ستره و تغطيته حتى يصير كأنه لم يعمل.
و يصحّ أن يكون أصله: إزالة الكفر و الكفران لأن صيغة التفعيل تأتي للإزالة.
10 - الذنوب: جمع ذنب و هو في الأصل: الأخذ بذنَب الشيء يقال: ذنبته أي: أصبت ذنبه و يستعمل في كل فعل يستوخم عقباه.
11 - المصنّف رحمه الله خصّ فضيلة التكفير للذنوب لأن سائر الفضائل الأخرى (لأن فضائل التوحيد كثيرة) مبنيّ عليها.
12 - ذكر في الباب آية و أربعة أحاديث أما الآية:
فهي قوله تعالى: " الذين آمنوا و لم يلبسوا إيمانهم بظلم ": هل هي من قول الله تعالى أم من قول إبراهيم عليه الصلاة و السلام أم من قول قوم إبراهيم؟: ثلاثة أقوال و الجمهور على الأول أنها من قول الله عز وجل فصل القضاء بين إبراهيم و قومه و هو الظاهر الواضح من السياق في الآية كانت المحاجّة و المناظرة بين إبراهيم عليه السلام و قومه فوصلت المحاجّة إلى قوله: " فأي الفريقين أحق بالأمن .... " فقال الله قاضيا بينهم: " الذين آمنوا و لم يلبسوا إيمانهم بظلم ... " فهو حكم و فصل بينهم و ذهب ابن عباس رضي الله عنهما إلى أنه من قول إبراهيم عليه الصلاة و السلام و له قول وافق فيه الجمهور.
و قيل أنه: من قول قوم إبراهيم و هم أجابوا بما كان حجّة عليهم و نقل هذا القول عن ابن جريج و لكنّ القول به ضعيف.
13 - و اللبس المراد به: الإشتباه و الإختلاط.
14 - الظلم: وضع الشيء في غير موضعه المختصّ به إما بزيادة أو نقصان و إما بعدول عن وقته أو مكانه و يطلق الظلم في كتاب الله و يراد به الظلم بين العبد و ربّه و الظلم بين العبد و الناس و ظلم بين العبد و نفسه.
15 - إذا تقرر هذا فما المراد بالظلم في الآية؟: جاء في الصحيحين ما يدل على أن المراد به الشرك و هنا عندنا وجهان:
أ – فهم الصحابة للعموم من النص ّ و لكن ما أقرّهم النبي صلى الله عليه و سلم على هذا الفهم بل بيّن لهم أنه فهم صحيح و لكنّه معارض من باب إطلاق العام و إرادة الخاص.
و هذا الحديث يمكن أن يستدلّ به على أن النكرة في سياق النفي تفيد العموم بإجماع الصحابة لتفاق فهمهم على ما سبق من العموم لولا المعارض.
و الآية يراد بها الشرك دون غيره لأنه مدلول عليه بإنما في الحديث و عليه يكون المراد بالأمن: الأمن من تأبيد العذاب.
- و الله أعلم و هو الموفق لا ربّ سواه -.