تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: [ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، إنما كان الذي أوتيت وحياً أوحى الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة] وهذا لفظ مسلم.

فهذا الرجاء حققه الله لخاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام.

ومعنى الحديث أن كل نبي أعطى من الآيات ما آمن على مثله البشر، أي البشر يؤمنون بمثل هذه الآيات عندما تظهر وهي خوارق العادات (المعجزات كما أيد الله أنبياءه السابقين بمعجزة، فكل من رأى تلك المعجزة يُؤمن كما هو الحال في نبي الله عيسى عليه السلام يبرأ الأكمة والأبرص ويحي الموتى بإذن الله، لكن تلك المعجزة مضت وانقضت، فالذين جاؤوا بعد ذلك لم يروها، ولذلك قد يحصل عندهم ارتياب في أمر النبي عليه صلوات الله وسلامه، أما ما يتعلق بهذه الأمة، فمعجزة نبينا عليه الصلاة والسلام هي القرآن، وهذه المعجزة يراها المتأخر كما رآها المتقدم، فأبو بكر رضي الله عنه وآخر فرد في هذه الأمة بالنسبة لرؤية معجزة النبي عليه الصلاة والسلام سواء، فجعل الله معجزة نبينا عليه الصلاة والسلام عين رسالته ودعوته وهي القرآن الكريم الذي أُمِر بتبليغه.

فالحاصل .. أنه قال: [أرجو أن أكون أكثرهم تابعاً]، وفي حديث سمرة قال: [لأرجو أن أكون أكثرهم وارداً] فحقق الله له هذا الرجاء.

وحديث سمرة كما قلنا رواه الترمذي، وقد قال عنه: غريب، وغرائب الترمذي لا تسلم من مقال فهي ضعيفة والسبب في هذا أن الحسن البصري عليه رحمة الله عنعن الحديث عن سمرة أي رواه بصيغة عن ولم يصرح بالسماع، وفي سماع الحسن عن سمرة اختلاف، وأئمة الحديث على ثلاثة أقوال في ثبوت سماعه من سمرة:

1 - لم يسمع منه مطلقاً.

2 - سمع منه مطلقاً.

3 - وهو المعتمد، سمع منه حديث العقيقة، وقد صرح في سنن النسائي بأنه سمع حديث العقيقة من سمرة بن جندب رضي الله عنه.

والحسن مدلس بالاتفاق وقد عنعنه – كما ذكرنا – ورواية المدلس إذا لم تكن بصيغة السماع فهي محمولة على الانقطاع، فالسند إذن منقطع بين سمرة وبين الحسن.

كما أن الحسن رفعه في بعض الطرق إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأسقط سمرة فصار إذن مرسلاً لأن المرسل هو مرفوع التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

مرفوع تابع على المشهور ? مرسل أو قيده بالكبير

كما قال هذا الإمام عبد الرحيم الأثري العراقي في ألفيته المشهورة.

وقوله (أو قيده بالكبير) فهذا قول آخر في تعريف المرسل وهو أن التابعي لابد أن يكون كبيراً، من كبار التابعين لا من أوسطهم ولا من صغارهم.

والمعتمد أن التابعي صغيراً كان أو كبيراً، إذا رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم فهو حديث مرسل، فالحسن إذن أسقط سمرة رضي الله عنه، ولذلك قال الترمذي: وورد أن الحسن لم يذكر سمرة فهذا مرسل وهو أصح.

والرواية المرسلة رواها ابن أبي الدنيا بإسناد صحيح إلى الحسن، أن الحسن البصري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إن لكل نبي حوضاً ... ] الحديث.

لكن مراسيل الحسن – كما يقول أئمتنا -، أشبه بالريح لا يعول عليها ولا يأخذ بها، لأنه كان لا يبالي عمن أرسل بخلاف مراسيل سعيد بن المسيب فهذه كلها يأخذ بها، حتى مَنْ ردَّ المرسل أخذ بمراسيل سعيد بن المسيب كالإمام الشافعي عليه رحمة الله.

فإن سعيد بن المسيب كان يسمع من عمه والد زوجته أبي هريرة أحاديث ويحدث عنه أحياناً، ويسقطه ولا يصرح به أحياناً أخرى لاعتبارات، منها أمور سياسية، فقد ينقل عنه سعيد رواية تتعلق بأمور العامة فلا يصرح بها بإضافتها لأبي هريرة لئلا تصبح هناك مشاكل وابتلاءات كما هو الحال في العصور التي جاءت بعد عصور الخلفاء الراشدين، وهذا من جملة أغراض التدليس حذف الصحابي أو الشيخ الذي أخذ عنه التلميذ فيسقطه لأن حوله ما حوله من الاعتبارات، وكأنه يقول لئلا ندخل في مشاكل مع الدولة، فنرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونسقط الواسطة (أبا هريرة) لئلا يُستدعى ويحقق معه وما شاكل هذا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير