تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و (السلام عليكم) هذا خطاب من يسمع ويعقل ويعي ويفهم، وسماع الأموات أدق من سماع الأحياء، ولذلك لو دخل داخل إلى المعهد وسلم عند باب المعهد لن يسمعه مَنْ في الفصل بل حتى لو كان أقرب من ذلك، بينما لو كنا موتى لسمعناه فبمجرد أن يدخل رجل إلى المقبرة ويقول السلام عليكم لسمع كل مدفون في تلك المقبرة – ولو كانت واسعة ما كانت – سلامه وردوا عليه في قبورهم.

و (إن شاء الله) هل هناك شك في اللحوق بهم؟ لا لكنها من باب التبرك وتعليق الأمر على أنه تابع لمشيئة الله، كقوله تعالى (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين)، وسيأتينا بحث الاستثناء في الإيمان إن شاء الله تعالى فهو من المباحث المقررة عندنا، وأن الاستثناء يجوز في الإيمان لأربعة أمور معتبرة من جملتها هذا من باب التبرك باسم الله، فتقول أنا مسلم إن شاء الله تعالى، ولا بأس في ذلك.

ثم قال نبينا وحبيبنا عليه صلوات الله وسلامه – وهذه تكملة الحديث [وددت أنا رأينا إخواننا فقال الصحابة رضوان الله عليهم: أولسنا بإخوانك يا رسول الله؟!، قال: بل أنتم أصحابي، وإخواني الذين يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني] عليك صلوات الله وسلامه، انتبه!! (أنتم أصحابي) أي أنتم لكم مزية على الأخوة العامة فقد فزتم بشرف الصحبة فأنتم إخوان وأصحاب.

وَمَََنْ بعدكم إخوان لي، كما تقول هذا ابني ولا تقول هذا أخي، فهو أخوك في دين الله ولكن تقول له ابني لأن هذا أخص من الأخوة العامة وهنا كذلك الصحبة أخص من الأخوة العامة.

فانظر لحب نبينا عليه الصلاة والسلام لنا، فلنكافئ هذا الحب بمثله، فهو يتمنى أن يرانا ووالله نتمنى أن نراه بأنفسنا وأهلينا وأموالنا ولو قيل لنا تفوزون بنظرة إلى نور نبينا عليه الصلاة والسلام مقابل أن تفقدوا حياتكم وأموالكم وأهلكم، لقلنا هذا يسير يسير، ضئيل حقير، ولذلك ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [من أشد أمتي لي حباً ناسٌ يكونون من بعدي، يود أحدهم لو رآني بأهله وماله] وهو في مختصر مسلم برقم (1604).

وتتمة الحديث الذي معنا [فقال الصحابة: يا رسول الله، كيف تعرف من يأتي من أمتك ولم تره؟! فقال: أرأيتم لو أن رجلا له خيلٌ غُرٌّ محجلة بين ظهري خيل دُهْم بُهْم، أما كان يعرفها؟ قالوا: بلى، قال: فإن أمتي يدعون يوم القيامة غرّاً محجلين من آثار الوضوء وأنا فرطهم على الحوض، ألا ليذادنّ رجالٌ عن حوضي كما يذاد البعير الضال، أناديهم ألا هلمّ، فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول سحقاً سحقاً] اللهم لا تجعلنا منهم بفضلك وكرمك يا أرحم الراحمين.

(غرّ): الغرّ بياض في الوجه، وهو من الصفات الجيدة في الفرس، وهذه الأمة تبعث يوم القيامة والنور يتلألأ في وجهها من آثار الوضوء، والوضوء حلية المؤمن.

(محجلة): بياض في قوائم الفرس، وهو من الصفات الجيدة فيها أيضاً، وهو من علامة جودتها، وهذه الأمة تأتي يوم القيامة وأعضاء الوضوء فيها تتلألأ (الوجه والأيدي والأرجل)، ففي وجوههم نور وفي أطرافهم نور.

(دُهْم) سوداء

(بُهم) سوادها خالص ليس فيها لون آخر.

فهذه الأمة تأتي يوم القيامة غراًُ محجلين، فالوضوء ثابت لهذه الأمة وللأمم السابقة لكن أثر الوضوء (الغرة والتحجيل) ثبت لهذه الأمة ولم يثبت للأمم السابقة، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء، ولذلك ورد في صحيح مسلم أنه [سيما ليست لغيركم] أي هذه السمة الغرة والتحجيل ليست لغيركم.

إذن إخوانه عليه الصلاة والسلام ونسأل الله أن يجعلنا منهم يأتون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء، وجميع أهل الموقف ليس لهم هذا الوصف، وبالتالي فيميز نبينا صلى الله عليه وسلم أمته الكثيرة من تلك الأمم الوفيرة الغفيرة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير