تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المحفوظ.

وأمَّا قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يَردُّ القضَاءَ إلاَّ الدعاءُ، ولا يزيد في العُمر إلاَّ البرُّ" أخرجه الترمذي (2139)، وحسنه، وانظر: السلسلة الصحيحة للألباني (154)، فلا يدلُّ على تغيير ما في اللَّوح المحفوظ، وإنَّما يدلُّ على أنَّ اللهَ قدَّر السَّلامةَ من الشرور، وقدَّر أسباباً لتلك السَّلامة، والمعنى أنَّ اللهَ دفع عن العبد شرًّا؛ وذلك مقدَّرٌ بسببٍ يفعله وهوالدّعاء، وهو مقدَّرٌ، وكذلك قدَّر أن يطولَ عُمرُ الإنسان، وقدَّر أن يحصلَ منه سببُ لذلك، وهو البِرُّ وصلة الرَّحم، فالأسبابُ والمسبَّباتُ كلُّها بقضاء الله وقدره، وكذلك يُقال في قوله صلى الله عليه وسلم: "مَن سرَّه أن يُبسَط له في رزقه أو يُنسَأ له في أثره فليَصِلْ رَحِمَه" رواه البخاري (2067)، ومسلم (2557)، وأجَلُ كلّ إنسان مُقدَّرٌ في اللوح المحفوظ، لا يتقدَّم عنه ولا يتأخَّر، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا}، وقال تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ}، وكلُّ مَن مات أو قُتل فهو بأجله، ولا يُقال كما قالت المعتزلة: إنَّ المقتولَ قُطع عليه أجلُه، وأنَّه لو لَم يُقتَل لعاش إلى أجل آخر؛ فإنَّ كلَّ إنسان قدَّر الله له أجلاً واحداً، وقدَّر لهذا الأجل أسباباً، فهذا يموتُ بالمرض، وهذا يموت بالغرق، وهذا يموتُ بالقتل، وهكذا.

13 – الفائدة الثالثة عشر ((هل الإنسان مسير أو مخير؟!)) قال حفظه الله ص 69: وبهذا يُجابُ عن السؤال الذي يتكرَّر طرحُه، وهو: هل العبدُ مسيَّرٌ أو مُخيَّر؟ فلا يُقال: إنَّه مسَيَّرٌ بإطلاق، ولا مُخيَّرٌ بإطلاق، بل يُقال: إنَّه مُخيَّرٌ باعتبار أنَّ له مشيئةً وإرادةً، وأعماله كسب له يُثاب على حَسَنها ويُعاقَب على سيِّئها، وهو مسيَّرٌ باعتبار أنَّه لا يحصل منه شيءٌ خارجٌ عن مشيئة الله وإرادته وخلقه وإيجاده.

14 – الفائدة الرابعة عشر ((الإستثناء فى الإيمان)) قال حفظه الله ص 74:

وللتفاوت في هذه الدرجات ((يقصد الإسلام والإيمان والإحسان)) فإنَّه يُستثنى في الإيمان عند أهل السنة، فإذا قيل للرَّجل: أنت مؤمن قال: إن شاء الله أو أرجو؛ لأنَّ في ذكر الإيمان بدون استثناء تزكية للنفس، ومَن جاء عنه من أهل السنة ترك الاستثناء في الإيمان، فإنَّ مقصودَه أصل الإيمان الذي هو الإسلام، وليس التزكية.

15

- الفائدة الخامسة عشر ((هل يقال الله أعلم أو يقال الله ورسوله أعلم، عدم علم النبى بحال أمته بعد وفاته)) قال حفظه الله ص 79:ويُشرَع للمسئول إذا لم يكن عنده جواب أن يقول: لا أدري، أو الله أعلم؛ لصلاحية ذلك لكلِّ سؤال، بخلاف: الله ورسوله أعلم، فلا تصلح لكلِّ سؤال، فلو سأل سائل: متى تقوم الساعة تعيَّن في الجواب قول: الله أعلم؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لا يعلم متى تقوم الساعة.

وأيضاً فإنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم بعد موته لا يعلم بما يحصلُ لأمَّته من بعده؛ لحديث ابن مسعود رضىالله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "أنا فرطُكم على الحوض، وليُرفعنَّ رجالٌ منكم ثم ليختلجنَّ دوني، فأقول: يا ربِّ أصحابي! فيُقال: إنَّك لا تدري ما أحدثوا بعدك" رواه البخاري (6576) ومسلم (2297).

والله أعلم وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى أله وصحبه وسلم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير