تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هل التمشعر سُنّة؟

ـ[سليمان البدراني]ــــــــ[06 - 08 - 09, 01:53 ص]ـ

مقال علمي رصين للشيخ المفيد أستاذ العقيدة د. عبدالعزيز آل عبداللطيف حفظه الله

لا نزاع أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، والحديث عن المذهب الأشعري بعلم وعدل كافٍ في تحقيق الجواب، وزوال الإشكال، ومن طوامِّ هذا العصر أن يتصدَّر أقوام للخوض في هذه المسألة، فيبعثوا أحكاماً جزافاً وفق ظنون كاذبة أو أهواء جامحة؛ فإطلاق القول بأن الأشاعرة هم أهل السُّنة والجماعة، قد يكون ناشئاً عن قصورٍ بمعرفة السُّنة النبوية وسبيلِ الاعتصام بها، وربما كان باعثه الجهل بحقيقة مذهب الأشاعرة؛ وأسوأ من ذلك كله إن كان جهلاً بسبيل السُّنة والاتباع وسبيل التمشعر والابتداع!

وقد ينفر بعضهم من تلك القضايا، ويبدي امتعاضه وأسفه، ويتعلل بأنّ في ذلك إذكاءً للطائفة المذهبية، وتوهيناً من وحدة المسلمين، واجتراراً للخلافات القديمة!

وما عَلِمَ هؤلاء المتدثرون بوحدة المسلمين أن الاجتماع الصحيح لا يتحقق بقلب الحقائق ومجانبة الصراط المستقيم، وتهوين المحْدَثات في الدين، ومصانعة أرباب البدع ومداهنتهم، ولمَّا قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لأبي بكر الصديق - رضي الله عنه -: يا خليفة رسول الله! تألّف الناس! أجابه الصديّق الأكبر: علامَ أتألَّفهم: أعلى حديث مفترى أم على شعر مفتعل [1] ( http://docs.google.com/Edit?docid=d4rg5b6_1dkcjbkfx#_ftn1_ftn1)؟

بل إن ترك السُّنة وتنكُّب الصراط المستقيم في العقائد والشرائع يوقع تفرقاً وتشرذماً، ومتى آمنوا بالكتاب كله واعتصموا بالسُّنة تحقق الاجتماع والوئام.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وهذا التفريق الذي حصل من الأمة: علمائها ومشائخها، وأمرائها وكبرائها هو الذي أوجب تسلط الأعداء عليها، وذلك بتركهم العمل بطاعة الله ورسوله، كما قال - تعالى -: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} [المائدة: 41] فمتى ترك الناس بعض ما أمرهم الله به وقعت بينهم العداوة والبغضاء، وإذا تفرّق القوم هلكوا، وإذا اجتمعوا صلحوا وملكوا؛ فإن الجماعة رحمة والفرقة عذاب، وجِماع ذلك في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. » [2] ( http://docs.google.com/Edit?docid=d4rg5b6_1dkcjbkfx#_ftn2_ftn2).

وقال أيضاً: «متى تركوا الاعتصام بالكتاب والسُّنة فلا بد أن يختلفوا؛ فإن الناس لا يفصل بينهم إلا كتاب منزَّل من السماء، كما قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ {201} وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران: 201 - 301]» [3] ( http://docs.google.com/Edit?docid=d4rg5b6_1dkcjbkfx#_ftn3_ftn3).

وقال في موضع ثالث: «أَتْبَعُ الناس للرسول أقلُّ اختلافاً من جميع الطوائف المنتسبة للسُّنة، وكل من قَرُبَ للسنة كان أقل اختلافاً ممن بَعُد عنها، كالمعتزلة والرافضة، فنجدهم أكثر الطوائف اختلافاً» [4] ( http://docs.google.com/Edit?docid=d4rg5b6_1dkcjbkfx#_ftn4_ftn4).

والمقصود أن موجبِ الاجتماع هو الاعتصام بالكتاب والسُّنة ولزوم الشرع المنزَّل، وأما الاجتماع على إهدار أصول مذهب السلف في المسائل والدلائل، فليس مشروعاً، بل هو إجماع هش على جرفٍ هار سرعان ما يعتريه التعثر والسقوط.

ومع تأكيد أهل السُّنة على لزوم السُّنة النبوية واتِّباعها، إلا أنهم يرحمون الخلق، كما يعلمون الحق، حتى إن أهل السُّنة لكل طائفة ومن أهل البدع خير من بعضهم لبعض، بل هم للرافضة خير وأعدل من بعض الرافضة لبعض [5] ( http://docs.google.com/Edit?docid=d4rg5b6_1dkcjbkfx#_ftn5_ftn5).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير