[جرأة الأصاغر على العلماء]
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[28 - 08 - 09, 02:52 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وبعد:
ليس من عادتي تتبع الأصاغر ولا النظر فيما يبثوه من جهالاتهم ويشيعونها بين العامة منمقين أنفسهم بألفاظ تهابها العامة ولا يتداولها إلا خاصة الخاصة من أهل الكلام مما نتق بها رحم علم الكلام.
لكني لما رأيت بعض الاخوة قد اقحم في هذا المنتدى المبارك بعض الأصاغر لزم بيان جهالة من نُقل عنه دعواه.
قال أخونا ناقلا عن المتفيهق: (قال سعيد فودة في "تدعيم المنطق" (ص175): (إن الواقع تاريخياً يدلل على أن بعض علماء الحديث كانوا من المجسمة أو من المتأثرين بمنهجهم بشكل عام بل يمكننا الادعاء بسهولة أن كثيرا من الذين تمسكوا بهذا المصطلح كانوا من المنتمين إلى عقائد المجسمة أو من المتأثرين بهم خاصة في القرن الثالث الهجري والرابع وخاصة من الذين انتسبوا إلى مذهب الإمام أحمد)).
إن ما نسب إلى أهل الحديث من القول أنهم مجسمة ما هي إلا أكذوبة المعتزلة وأفراخهم، إذ يعنون بهذا الكلام أن كل من سلّم لما جاء في الكتاب والسنة واتبع ما فيهما على باب الإيمان والفهم والتسليم وعدم التعدي على ما جاء فيهما بالتحريف والتجهيل، ولا استدرك بفهمه على ظاهر النص ولا تعالى عليه بقوله وفهمه على أقوال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أخذ عنهم ولا تعدى أفهامهم.
إن هذا موضوع ذو شجون تكلم به أهل العلم في القديم والحديث والتفصيل والتأصيل، لكن خلاصة مذهب أهل السنة أصحاب الحديث: الإيمان بما جاء في الكتاب والسنة الصحيحة من أسماء الله تعالى وصفاته من غير تشبيه ولا تعطيل ولا تكيف ولا تفويض معنى.
لكني رأيت التنبيه على المتفيهق في دعواه مما نقل في هذا الموضع إذ نقل قوله: (إن الواقع تاريخيا).
أقول وهذا الذي زعمه تاريخيا لا يعد عند أهل الدين تاريخ بل هو رواية ونقل دين، والفرق بينهما كبير إذ شاع في وسط العامة وبعض المبتدأة أن التاريخ لا عبرة فيه ولايؤخذ منه دين بل لعله لا إسناد له ولا قوائم فلا يلتفت إليه.
لكن الذي نقله أهل الحديث ذكروه بإسناده على باب الرواية دينا وبينه نسبه ونسبته، مما يُمكن الباحث من معرفة ما يؤخذ منه وما يرد.
فإن قيل ألا يعد هذا من التاريخ؟
قلت: بلى يدخل، ولكن القول عن الرواية المسندة تاريخا بإطلاق يصيب قلب السامع أن المعلومة لا شريعة لها ولا قيمة، بل هي مجرد حكاية من الحكايات ولعلها تساوي في مسماها التاريخ قصة ألف ليلة وليلة.
ثم قال: (بل يمكننا الادعاء بسهولة أن كثيرا من الذين تمسكوا بهذا المصطلح كانوا من المنتمين إلى عقائد المجسمة أو من المتأثرين بهم).
أقول: هم لم يتمسكوا بهذا المصطلح بل خصومهم هم نسبوا إليهم هذا القول للتشنيع عليهم، وصرف وجوه الناس عن مجالسهم، لكن خاب ظنهم.
وقال: (خاصة في القرن الثالث الهجري والرابع).
قلت: إن مذهب أهل الحديث في الاعتقاد هو الإيمان بما نقل رواية _ لا تاريخيا _ بالإسناد إلى قائله من الصحابة فمن بعدهم، مما يعني أن اعتقادعهم مأخوذ عن الصحابة والتابعين فصاعدا على التوالي.
وهذا النقل عن من كان قبل القرن الثالث والرابع، ولكن سلو فراخ المعتزلة من أيهم بأقوالهم، ومذاهبهم هل لهم فيه قول صاحب أم لهم فيه رواية، بل تراهم مفسدون لنقل الدراية وفهم المتون.
ثم قال: (وخاصة من الذين انتسبوا إلى مذهب الإمام أحمد).
قلت: وهذا من عظيم كذب المتفيهق: ذلك أن قول الإمام أحمد واضح وبين والناس أخذت عنه العقيدة على باب الاتباع لا الابتداع، وعليه فمن قال بقول الإمام أحمد أخذ به جازما بأنه مذهبه، فمن انتسب له كان انتسابه بحجة وووضوح.
لكن سلوا فراخ المعتزلة المنتسبين إلى مذهب الإمام الشافعي هل الذي يقولونه هو مذهب الإمام الشافعي أم أنه قول مجرد ودعوى ليس لها أصل في قول الإمام الشافعي ومذهبه وإنما هو مجرد قول وزعم من انتسب لمذهب الشافعي.
واعلم أيها الباحث عن الحق أن أهل البدع أهل تضليل وتزييف، لا يقولون حقا ولاينقولون العلم إنصافا وصدقا.