تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والجهم بن صفوان هو أساس البلاء وسبب الشقاء وحامل لواء مقدمي الآراء على كتاب الله وسنة رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فهو أول من ابتدع ذلك، وتأثير الجهم امتد إلى وقتنا هذا، فيُقال لمن يُقدم عقله على كتاب الله وسنة رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هذا فيه خصلة من خصال الجهمية، أو أنه متجهم.

شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يرد هذه المدرسة - والتي تقول بمقالة التعطيل، فتعطل أوصاف الحق سبحانه وتعالى، وترد كلام الله تاريخ المذهب العقلي

بحجة أنه لو أثبتنا كلام الله سوف تظهر لوازم باطلة – إلى أساسين:

الأساس الأول: رجل اسمه الجعد بن درهم، وهذا الشخص تعلم على يد اليهود، فأخذ مقالة التعطيل لكلام الله تعالى من اليهود وتلامذة اليهود، ومن المشركين وضُلال الصابئين.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "أصل مقالة التعطيل للصفات إنما هو مأخوذ عن تلامذة اليهود والمشركين وضلال الصابئين، فان أول من حفظ عنه أنه قال هذه المقالة في الإسلام أعنى أن الله سبحانه وتعالى ليس على العرش حقيقة، وأن معنى استوى بمعنى استولى ونحو ذلك هو الجعد بن درهم، وأخذها عنه الجهم ابن صفوان وأظهرها فنسبت مقالة الجهمية إليه، وقد قيل إن الجعد أخذ مقالته عن أبان بن سمعان وأخذها أبان عن طالوت بن أخت لبيد بن الأعصم، وأخذها طالوت من لبيد بن الأعصم اليهودي الساحر الذي سحر النبي"

وقصة سحر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على يد لبيد بن الأعصم معروفة، فبعدما قضى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على اليهود في المدينة - على بني قينقاع وبني قريظة وبني النضير- وشتتهم، ظهر حقدهم الدفين، هم لا يستطيعون أن يفعلوا في الأمة شيئاً، فأرادوا أن يشوهوا فكرها عن طريق دس الشبهات، فقد رأى اليهود النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينتصر، والله سبحانه وتعالى يرفع من شأنه، ويذل من شأن اليهود ويقضي عليهم، فظهر حقدهم، فكان من لبيد بن الأعصم الساحر اليهودي أنه سحر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

وبعض الناس يفهمون هذه القضية فهماً خاطئاً، فيقولون: كيف يُسحر نبي؟

نقول: كل الروايات في هذه القصة رويت عن عائشة رضي الله عنها، ففي صحيح البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: سحر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجل من بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم حتى كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما فعله ...........

ما معنى هذا؟

بعض الناس عمموا القول في هذا، وقالوا: ما دام أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كان يُخيَّل إليه أشياء، إذاً هناك شك في الوحي.

نقول: هذا الكلام غير صحيح إطلاقاً، بسبب أن كل الروايات عن عائشة رضي الله عنها، وفسرت بعض الروايات أنها رضي الله عنها كانت تقصد الجماع، فقالت: "كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما فعله"، فمثلاً يقول لها: يا عائشة، إني على جنابة، فتقول له: لا، لم يحدث.

فانظر إلى أدب أهل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، حتى تعبر رضي الله عنها بمثل هذه الألفاظ.

...... حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة وهو عندي لكنه دعا ودعا ......

أي: أخذ يدعو ويدعو حتى يصرف الله عنه هذا الذي يحدث،فهو - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يكن يعلم أن هذا من السحر، حتى أخبره الله تعالى، إذاً قضية سحر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لا علاقة لها بالوحي، فلا يقال بأن الوحي فيه شك، بل القضية في أنه كان يُخيل إليه أنه يفعل الشيء وما فعله، والمقصود بذلك الجنابة من الجماع.

ثم قال: "يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال أحدهما لصاحبه ما وجع الرجل؟ فقال: مطبوب، قال: من طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم ....

طبَّه: أي سحره، فكلمة "طبَّ" قد تأتي بمعنى: "أبرأ"، وقد تأتي بمعنى " أمرض".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير