تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثالثاً: المنزلة بين المنزلتين

عرفنا أن حكم مرتكب الكبيرة عند المعتزلة في الدنيا أنه ليس بمؤمن ولا كافر، وأما عند أهل السنة فهو مسلم عاصٍ، وعند الخوارج كافر بالله.

رابعاً: إنفاذ الوعيد

وأما حكم مرتكب الكبيرة في الآخرة، فيأتي الأصل الرابع عند المعتزلة وهو إنفاذ الوعيد وأن مرتكب الكبيرة مخلد في النار، وأما عند السلف فهو تحت المشيئة، فيمكن أن يغفر الله له ابتداءً ويُدخله الجنة، ويُمكن أن يعذبه في النار ثم يُطهره ويُخرجه بشفاعة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وأما الخوارج فيتفقون مع المعتزلة في أنه مخلد في النار، ولذلك ينفي الخوارج والمعتزلة الشفاعة، لأن مذهبهم أن الذي يدخل النار لا يخرج منها.

وقد صدر لنا كتاب بعنوان: "إثبات الشفاعة لصاحب المقام المحمود والرد على الدكتور مصطفى محمود"، وهو كتاب طيب لطالب العلم في مسألة الشفاعة.

خامساً: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

والمعروف عند المعتزلة هو الأصول الخمسة، والمنكر ما عداها، فكل مذهب السلف عندهم منكر، فمن كان على مذهب المعتزلة وعلى اعتقادهم يُحذِّر من السلف، فيسمي مذهب السلف منكراً ويُسمي مذهب المعتزلة معروفاً، فليس كل من يقول بأنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر نصدقه وننساق وراءه، فالذي يحدد هو الدليل، فأين الخبر فنصدقه وأين الأمر فننفذه.

فهذه هي الأصول الخمسة عند المعتزلة، والمأمون بن هارون أعجبه هذا الكلام، فلما تولى الخلافة فرض على الناس بدعة القول بخلق القرآن.

• كيف ظهرت البدعة الكبرى؟

تصادق المأمون بن هارون مع بشر بن غياث المريسي وأحمد بن أبي دؤاد، وقالوا بأن الله لا يتكلم، وفرضوا على الناس بدعة القول بخلق القرآن، وبسبب هذا الحمق من الخليفة المأمون وما فعله بالعلماء والمحدثين وبدعة القول بخلق القرآن التي كتبها على المساجد في كل مكان: "لا إله إلا الله رب القرآن المخلوق"، أدى ذلك بالأمة الإسلامية إلى أن يظهر جيل من الشباب لا يعرفون السنة، لا يعرفون إلا مذهب المعتزلة، وظهر المذهب العقلي وانتشر، وأصبح مذهب المعتزلة هو الأصل، والذي يتكلم عن السنة هو الشاذ والمبتدع.

جاء الإمام أبو الحسن الأشعري يُعيد الناس إلى مذهب السنة، فلم ترجع الأوضاع إلى ما كانت عليه في عصر السلف، فكان هناك خير فيه دخن، فظهر مذهب المتكلمين الأشعرية.

أبو الحسن الأشعري رحمه الله تعالى أعلن براءته من مذهب المعتزلة، وأما الأشعرية فإنهم أرادوا التوفيق بين مذهب السلف ومذهب المعتزلة، يقدمون العقل على النقل، ويأخذون بالنصوص التي وردت في القرآن والسنة،هل أخذوا بالنصوص كلها؟

لا، قالوا: "نأخذ منها ما وافق العقل"، فالمعتزلة نفوا جميع الصفات، وهم أخذوا بسبع صفات، ويسمونها بالصفات الثبوتية " الفعل الحادث يدل على القدرة، والتخصيص يدل على الإرادة، والإتقان يدل على العلم، وهذه الثلاثة لا تكون إلا في حي، والحي لا بد أن يكون سميعاً بصيراً متكلماً، وأتوا بأدلة هذه الصفات من القرآن والسنة، وأما باقي الصفات فقالوا بأنها نصوص موهمة للتشبيه والجسمية:

وكل نص أوهم التشبيه أوِّله أو فوِّض ورُم تنزيهاً

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير