لا يحصل بها مطلقا ولا يمتنع بها مطلقا بل يحصل لبعض الناس وفي بعض الأوقات دون بعض كما يحصل بالأسماء؛ فإن الحد تفصيل ما دل عليه الاسم بالإجمال فلا يمكن أن يقال: الاسم لا يعرف المسمى بحال ولا يمكن أن يقال يعرف به كل أحد كذلك الحد.
وإن قيل: إن المطلوب بالحد أن مجرد الحد يوجب أن المستمع له يتصور حقيقة المحدود التي لم يتصورها إلا بلفظ الحاد وأنه يتصورها بمجرد قول الحاد كما يظنه من يظنه من الناس بعض أهل المنطق وغيرهم فهذا خطأ كخطأ من يظن أن الأسماء توجب معرفة المسمى لمن تلك الأسماء بمجرد ذلك اللفظ،.
وقد بسط الكلام على هذا في موضعه وبينا ما عليه جمهور النظار من المسلمين واليهود والنصارى والمجوس والصابئين والمشركين من أن الحدود مقصودها: التمييز بين المحدود وغيره وأن ذلك يحصل بالوصف الملازم للمحدود طردا وعكسا الذي يلزم من ثبوته ثبوت المحدود ومن انتفائه انتفاؤه كما هو طريقة نظار المسلمين من جميع الطوائف مثل أبي على هاشم وأمثالهما ومثل أبي الحسن الأشعري والقاضي أبي بكر و أبي المعالي الجويني والقاضي أبي يعلى وأبي الوفاء ابن عقيل وأمثالهم.
427ج3
ليتأمل اللبيب كلام هؤلاء الذين يدعون من الحذق والتحقيق ما يدفعون به ما جاءت به الرسل؛ كيف يتكلمون في غاية حكمتهم ونهاية فلسفتهم بما يشبه كلام المجانين ويجعلون الحق المعلوم بالضرورة مردودا، والباطلَ الذي يعلم بطلانه بالضرورة مقبولاً بكلام فيه تلبيس وتدليس؛ فإنه ذكر ما يلزم مثبة الصفات وما يلزم نفاتها
فقال: يلزم النفاة أن تكون الصفات ترجع إلى ذات واحدة فيكون مفهوم العلم والقدرة والإرادة مفهوما واحدا وأن يكون العلم والعالم والقدرة والقادر والإرادة والمريد واحدا وقد قال إن هذا عسير
قلت: بل الواجب أن يقال: إن هذا مما يعلم فساده بضرورة.
452ج3
ولولا أن هذا ليس موضع بسط الكلام في مثل هذه الأمور، وإلا لكان ينبغي أن نبين أن مثل هذا الكلام من أسخف الكلام الذي ذمه السلف والأئمة وغيرهم من العقلاء؛ فإن هؤلاء يقولون: إن الله لا يمكن أن يفني شيئا من الأجسام والأعراض، بل طريق فنائها أنه لا يخلق الأعراض التي تحتاج إلى تجديد وإحداث دائما فإذا لم يحدثها عدمت الأجسام وفنيت بأنفسها لأنه لا وجود لها إلا بالأعراض ومثل هذا الكلام لو قاله الصبيان لضحك منهم.
*بطلان طريقة التنزيه بنفي التجسيم*
129ج1
فقد تبين أن قول من نفي الصفات أو شيئا منها لأن إثباتها تجسيم؛ قول لا يمكن أحدا أن يستدل به بل ولا يستدل أحد على تنزيه الرب عن شيء من النقائص بأن ذلك يستلزم التجسيم؛ لأنه لا بد أن يثبت شيئا يلزمه فيما أثبته نظير ما ألزمه غيره فيما نفاه، وإذا كان اللازم في الموضعين واحدا وما أجاب هو به أمكن المنازع له أن يجيب بمثله؛ لم يمكنه أن يثبت شيئا وينفي شيئا على هذا التقدير وإذا انتهي إلي التعطيل المحض كان ما لزمه من تجسيم الواجبِ بنفسه القديمِ أعظمَ من كل تجسيم نفاه؛ فعلم أن مثل هذا الاستدلال على النفي بما يستلزم التجسيم لا يسمن ولا يغني من جوع.
**************
*أعيان المتكلمين وتناقضهم وما آلوا إليه*
ج1/ 5
وكان يقول – يعني أبا بكر بن العربي -: شيخنا أبو حامد دخل في بطون الفلاسفة ثم أراد أن يخرج منهم فما قدر
ج1/ 158
وكثير من حذاق النظر حارَ في هذه المسائل، حتى أذكياء الطوائف كأبي الحسين البصري وأبي المعالي الجويني وأبي عبد الله بن الخطيب حاروا في مسألة الجوهر الفرد؛ فتوقفوا فيها تارة وإن كانوا قد يجزمون بها أخرى، فإن الواحد من هؤلاء تارة يجزم بالقولين المتناقضين في كتابين أو كتاب واحد وتارة يحار فيها، مع دعواهم أن القول الذي يقولونه قطعي برهاني عقلي لا يحتمل النقيض.
162ج1
وأبو الحسن الآمدي في عامة كتبه هو واقف في المسائل الكبار يزيّف حجج الطوائف، ويبقى حائرا واقفا.
376ج1
وقد رأيت من هذا عجائب؛ فقل أن رأيتُ حجة عقلية هائلة لمن عارض الشريعة قد انقدح لي وجه فسادها وطريق حلها؛ إلا رأيت بعد ذلك من أئمة تلك الطائفة من قد تفطن لفسادها وبيّنه ..
377ج1
¥