• محبة الكفار وتعظيمهم ونصرتهم على حرب أولياء الله، وتنحية شريعة الله عن الحكم في الأرض، ورميها زوراً وبهتاناً بالقصور والجمود وعدم مسايرة العصر ومواكبة التقدم الحضاري، واستبدالها بالقوانين الوضعية الكفرية، رغبة في استرضاء الكافرين، وحرصاً على مودتهم.
• السماح للدعوات الفكرية الهدامة كالقومية والعلمانية للبروز في ساحة الفكر والإعلام والتعليم وسائر مناحي الحياة، بل وتشجيعها ودعمها، فبثت سموم الغزو الفكري حتى أثرت تأثيراً خطيراً على الأجيال في العقيدة والأخلاق.
• التركيز الشديد على إثارة النعرات القومية لإضعاف رابطة الأخوة الإيمانية بين المسلمين، تلك الرابطة التي يتهاوى دونها كل روابط الأرض من عرق ودم ووطن وجنس ولون.
فأخرج ابن جرير الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " من أحب في الله وأبغض في الله، ووالى في الله وعادى في الله، فإنما تنال ولاية الله بذلك، ولن يجد عبد طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك، وقد صارت مؤاخاة الناس على أمر الدنيا، وذلك لا يجدي على أهله شيئاً ".
قال شارح كتاب التوحيد: عند بيان معنى قوله " ووالى في الله: هذا بيان للازم المحبة في الله، وهو الموالاة، وفيه الإشارة إلى أنه لا يكفي في ذلك مجرد الحب، بل لابد مع ذلك من الموالاة التي هي لازم الحب، وهي النصرة والإكرام والاحترام والكون مع المحبوبين باطناً وظاهراً، وقوله " وعادى في الله " هذا بيان للازم البغض في الله، وهو المعاداة فيه، أي إظهار العداوة بالفعل كالجهاد لأعداء الله والبراءة منهم، والبعد عنهم باطناً وظاهراً، إشارة إلى أنه لا يكفي مجرد بغض القلب، بل لابد مع ذلك من الإتيان بلازمه. قال تعالى {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده}.
فالولاء في الله هو: محبة الله ونصرة دينه، ومحبة أوليائه ونصرتهم، والبراء هو بغض أعداء الله ومجاهدتهم، وعلى هذا سمّى القرآن الكريم الفريق الأول: أولياء الله، والفريق الثاني: أولياء الشيطان.
البراء من الكفار ضرورة إيمانية:
قال تعالى مبيناً هذه الحقيقة: ((لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إلاًّ ولا ذِمَّةً .. ))، وقال تعالى: ((مَا يَوَدُّ الَذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ ولا المُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ .. ))، وقال سبحانه: ((ودَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّنْ بَعْدِ إيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم .. )).
والتاريخ في القديم والحديث شاهد على ذلك .. وما فعله اليهود في الماضي وما يفعلونه في هذه الأيام في إخواننا المسلمين في فلسطين، وما قد يفعلونه مستقبلاً أوضح برهان على ذلك.
وما أحسن قول أبي الوفاء بن عقيل (ت 513 هـ) مشيراً إلى معيار الإيمان الصحيح:
إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان، فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع، ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك، وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة.
وإن من شُعَب موالاة الكفار، مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين كما قال سبحانه: {ومَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإنَّهُ مِنْهُمْ .. } [البقرة: 102].
ومنها عدم تكفير الكفار أو التوقف في كفرهم أو الشك فيه، أو تصحيح مذهبهم.
تنبيه:
ومع وجوب بغض الكفار والبراءة منهم، فإن ذلك لا يمنع من حسن المعاملة مع غير الحربيين منهم، وينبغي علينا أن ننتبه لهذا الفرق بين البغض والبراءة الذين هما من مقتضى الإيمان، وبين حسن معاملة غير الحربي منهم على مقتضى العدل والإحسان، فإنه يقع أحياناً خلط ولبس في هذا الأمر فلزم التنبيه.
وإن من أعظم ثمرات القيام بهذا الأصل: تحقيق أوثق عرى الإيمان، والفوز بمرضاة الله الغفور الرحيم، والنجاة من سخط الجبار جل جلاله.
ثمرات القيام بالولاء والبراء:
ومن ثمرات القيام بالولاء والبراء: السلامة من الفتن .. قال سبحانه: ((والَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وفَسَادٌ كَبِيرٌ)) [الأنفال:73].
¥