تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

* وأَيُّما شَيْءٍ ادُّعِيَ فيهِ السَّبَبِيَّةُ فلابُدَّ مِن ثبُوتِ هذه الدَّعْوَى بأحدِ هذَينِ الطَّريقَيْنِ؛ وإذا لَمْ يُوجَد طريقٌ دالٌّ على صحَّةِ السَّببِيَّةِ عُلِم أنَّ هذا السَّببَ مُدَّعًى لا صِحةَ لَهُ.

ومِن الأسبَابِ المُدَّعاةَ: ما يدَّعيهِ بعضُ الرُّقاةِ مِن أنَّ جِلدَ الذِّئبِ نَافعٌ لطَرْدِ الجانِّ!! أو أنَّ الذِّئْبَ يأكُلُ الجانَّ؛ فهَذَا السَّببَ ليْسَ بصَحِيحٍ.

* فَائِدَةٌ 32: كلُّ تَعْلِيقٍ [سَوَاءٌ كانَ خَيْطًا أو حَلْقَةً أو نحوَ ذلكَ]: شِرْكٌ أَصْغَرُ.

ومَا يذكُرُه بَعْضُ أهلُ العلمِ مِن أنَّ التَّعاليقَ قد تكُونُ شِرْكًا أصْغَرَ وقَد تكُون شِرْكًا أكبَر؛ فهَذَا ليْسَ بالنَّظَرِ إلى نَفْسِ التَّعليقِ، بل بالنَّظرِ إلى مُرَادِ مُعلقِّهِ.

* فتَعْلِيقُ الحَلْقَةِ والخَيْطِ: شِرْكٌ أَصْغَرُ، أمَّا فَاعِلُها: فَقدْ يكُونُ مُشْركًا شركًا أَصْغرَ إذَا نظرَ إِليها نظَرَ سَببٍ، وأنَّ التَّقْدِير كلَّه بِيَدِ اللهِ سُبحانه، وقد يكُونُ وَاقعًا فِي الشِّرْكِ الأكْبَرِ إذا اعْتَقَد أنَّها تَدْفَع بِنَفْسِها وتَرْفَعُ.

* فَائِدَةٌ 33: كُلُّ شِرْكٍ أصْغَرَ يُمكِنُ رفْعُه إلَى الأكبَرِ بنِيَّةِ فاعلِه وإرَادتِه.

* فَائِدَةٌ 34: الرُّقَى: العُوذَةُ التي يُعَوَّذُ بها مِن الكلَامِ، وَالتَّمَائِمُ: مَا يُعلَّقُ لتَتْمِيمِ الأمْرِ؛ لجَلْبِ نَفْعٍ أو لدَفْعِ ضُرٍّ.

* وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرُّقَى وَالتَّمَائِمِ: أنَّ التَّمَائِمَ: عُوذَةٌ مَكتُوبةٌ، والرُّقَى: عُوذَةٌ ملْفُوظَةٌ.

* فَائِدَةٌ 35: تَنْقَسِمُ التَّمائمُ إلى قِسْمَيْنِ:

1 – التَّمائِمُ الْمُحَرَّمةُ: وهي التَّعاليقُ التِي تكُونُ مِن القُرآنِ؛ فإنَّها محرَّمةٌ في أصَحِّ قَولَي أهْلِ العلمِ؛ لأمُورٍ:

1 – لعَدمِ توْقِيرِها.

2 – للدُّخُول بهَا فيما يُنزَّه عنه القُرآنُ.

3 – أنَّها لم تَرِد عن طريقِ الشَّرعِ.

* ولَا يُحكَم علَى هذا النَّوعِ بأنَّه شِرْكٌ؛ لأنَّ فيه الْتِفاتَ القلْبِ إلى شيءٍ مشْرُوعٍ، وهو القُرآنُ، والقُرآنُ: كلَام الله سُبحَانهُ الذِي هو صِفةٌ مِن صفَاتهِ.

وحُكِم بالتَّحْريمِ لأجْلِ ما ورَد مِن العمُومِ في ذمِّ التَّعاليقِ.

2 – التَّمائِمُ الشِّرْكِيَّةُ: وهي التَّعالِيقُ التِي ليْسَت مِن القُرآنِ.

* فَائِدَةٌ 36: تَنْقَسِمُ الرُّقَى إلى قِسْمَيْنِ:

1 – الرُّقَى الشَّرْعِيَّةُ: وقد أجْمعَ العُلماءُ -كما ذكَر ابْنُ حَجَرٍ في فَتْحِ الْبَارِي والسُّيُوطِيُّ في الْحَاوِي- على جوازِ الرُّقيَةِ بثلاثةِ شرُوطٍ:

1 – أنْ تكُونَ بالقُرآنِ أو بأسْماءِ الله وصفَاتِه.

2 – أن تَكُونَ باللِّسانِ العربِيِّ وبما يُعرَفُ معْنَاه.

3 – أن لا يُعتَقَدَ اسْتِقْلَالُها بالتأثِيرِ، بل هيَ خَاضِعةٌ لقدَرِ اللهِ سُبْحانَه وتعالَى.

* وإذا تخلَّفَت بعضُ هذه الشُّروطِ؛ فبَيْنَ أهلِ العِلْمِ نزَاعٌ في مشْرُوعيَّةِ الرُّقيَةِ حِينَئذٍ.

2 – الرُّقَى الشِّرْكِيَّةُ: وهي الرُقَى الْمُشْتمِلةُ علَى الشِّركِ، وإليهَا أشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوْلِه: (لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ تَكُنْ شِرْكًا) رواه مُسْلِمٌ.

* والرُّقَى الشِّرْكِيَّةُ:

1 – قَدْ تَكُونُ مِن الشِّرْكِ الأكْبَرِ: إذا اشتَملَت على الاستِغاثةِ بالجنِّ والشَّياطينِ.

2 – وقد تكُون مِن الشِّركِ الأصغَرِ: إذا لم تَشتَمِلْ على ذلكَ، ولكنْ وقَع الِالتِفَاتُ إليهَا فوقَ الْمَأذُونِ به مِن الشَّرعِ في قاعِدَةِ السَّببِ، وهو الِاطمِئْنَانُ به والِاسْتِبْشَارُ بهِ.

ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[18 - 11 - 10, 10:08 ص]ـ

* فَائِدَةٌ 37: التَّبَرُّكُ: تَفَعُّلٌ مِن البرَكةِ، أي: طَلَبُ لهَا.

والْبَرَكَةُ: كثْرَةُ الخيْرِ وثُبُوتُهُ.

* فَائِدَةٌ 38: الْتِماسُ البرَكةِ لابُدَّ فيهِ مِن رعَايةِ قاعِدةِ التَّبرُّكِ، ومَردُّهَا إلى ثلَاثةِ أصُولٍ عظِيمةٍ:

1 – ثُبُوتُ الْبَرَكَةِ فِي الْمُتَبَرَّكِ بِهِ؛ وطريقُ العِلمِ بهذهِ البرَكةِ: إنَّما هُو أدلَّةُ السَّمعِ مِن أدلَّة القرآنِ والسُّنةِ؛ فلا يُحكَم علَى شيءٍ بأنَّه مُبارَكُ إلَّا لدَليلٍ ورَد في ذلكَ.

2 – وُجُوبُ الْتِمَاسِ الْبَرَكَةِ مِمَّا ثَبَتَتْ بَرَكَتُهُ وَفْقَ الطَّرِيقِ الذِي عَيَّنتْهُ الشَّرِيعَةُ؛ كالبَيْتِ الحرامِ فإنَّ التَّبرُّكَ به جاءَ بطُرقٍ بيَّنها الشَّرعُ الحكِيمُ كالطَّوافِ بِهِ وتَقْبِيلِ حجَرِه الأسوَدِ، واستِلامِ الرُّكنِ اليمَاني، وأشبَاه ذلك.

3 – أَنْ يُنْظَرَ إِلَى الْمُتَبَرَّكِ بِهِ نَظَرَ سَبَبٍ، ولا يُرفَعُ عن هذَا؛ لجَريانِه تحْتَ قَدرِ اللهِ سُبحَانهُ وتعالَى.

* فَائِدَةٌ 39: حُكْمُ التَّبرُّكِ: يَرجِع إلى قاعدَةِ السَّببِ؛ وقاعِدةُ السَّببِ المَأذُونِ فيه: أنْ يُطمأنَّ إِلَيه ويُستبْشَرَ به.

فإذَا زادَ عن هذَا القَدْرِ معَ اعْتِقادِ كونِه سبَبًا، فقَد وقَع في الشِّركِ الأصغَرِ.

أمَّا إنِ اعتَقدَ أنَّه مسْتَقلُّ بالتَّسْبِيبِ -مُسَبِّبٌ بنَفْسه- فيكُون واقعًا في الشِّركِ الأكبرِ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير