تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[18 - 11 - 10, 10:12 ص]ـ

* فَائِدَةٌ 50: بَيَّنَ إمَامُ الدَّعوَةِ مِن قولِهِ: (بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ) إلى قولِهِ: (بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ)؛ -بَيَّنَ- بَراهينَ التَّوحيدِ وأدلَّتَه.

* وقاعِدةُ برَاهينِ التَّوحيدِ النَّقليَّةِ والعَقليَّةِ ترجِعُ إلى أصْلٍ واحدٍ: وهو الفَرْقُ بين الخالِقِ والْمَخلُوقِ؛ فإنَّه مَن وقفَ على الفَرْقِ بين الخالِقِ والْمَخلُوقِ؛ تَمثَّلتْ له بَرَاهينُ التَّوحيدِ ظَاهِرةً جَلِيَّةً.

وهذا الأَصْلُ -وهُوَ الفَرْقُ بين الخالِقِ والْمَخلُوقِ- له رُكنَانِ:

1 – مَعْرِفَةُ كمَالِ الخَالِقِ ومَا يَليقُ بجَلالِه.

2 – مَعْرِفَةُ قدْرِ الْمَخْلُوقِ وما يُناسِبُ حَالَه.

* فَائِدَةٌ 51: اشْتملَ قولُ اللهِ تعالى: (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) علَى بيَان ما يَليقُ بالرَّب جلَّ جلَالُه، وعلى بيَانِ ما يُناسِبُ حَال الْمَخْلُوقِ وهو الْملَائكَةُ.

1 – فأَمَّا ما يَلِيقُ بجَلالِ الربِّ جلَّ وعلَا فهُو ما انْطَوتْ عليهِ مِن التَّعظِيمِ في قولِ الْملَائكَةِ: (قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ)؛ فأخْبَرُوا أنَّ قولَ اللهِ جلَّ وعلَا حقٌّ، وأنَّه سُبحَانهُ مُتَّصفٌ بالعلُوِّ والكبرِ.

2 – وأمَّا الدَّلالةُ علَى قدْرِ الْمَخلُوقِ، فذلكَ في حَال الْملَائكةِ؛ قال تعالَى: (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ)، لبيَانِ ما يَعتَرِي أفْئدَةَ الْملَائكةِ مِن الرَّوعِ عنْدَ سمَاعِ كلَامِ الربِّ سُبحَانهُ، وما يَنْتَابُهم مِن تغَيُّر الحالِ.

* فَائِدَةٌ 52: الْمُشْركُون وقَعُوا في شِرْكِ الشَّفاعةِ؛ لأنَّهم أسْقطُوا الفَرْقَ بَيْنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ فِيهَا، فجعَلُوا الشَّفاعةَ عندَ اللهِ سُبحَانه بمَنزِلةِ الشَّفاعةِ عندَ الْملُوك العاجِزينَ؛ فقَاسُوا الخَالقَ بالْمخْلُوقِ.

فإنَّ ملُوكَ أهلِ الأرْضِ يحتَاجُون إلى الشُّفعاءِ الذِينَ يُنبِّهُونَهُم علَى حاجةِ النَّاسِ ويَعطِفُونَ قلُوبَهُم عليهم، فألحَقُوا هذهِ الْمُشابَهةَ بالرَّبِّ تعالَى، فجعَلُوا الشَّفاعةَ عندَه كالشَّفاعةِ عند الْملُوكِ، فوقَعُوا في الغلَطِ علَى مقَامِ الرَّبِّ جلَّ جلالُه؛ إذْ أسْقَطُوا الفَرقَ بَيْنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ في الشَّفاعةِ.

* فَائِدَةٌ 53: الشَّفاعَةُ في كتُبِ التَّوحيدِ إذا أُطْلِقَت يُراد بها: الشَّفاعةُ التِي عندَ اللهِ، وأمَّا الشَّفاعةُ التِي تكُونُ عند الْمخْلُوقِين فلَيْسَ محَلَّ بَحثِها كتُبُ التَّوحيدِ، وإنَّما يَبْحثُها الفقهاءُ.

* والشَّفَاعَةُ عِنْدَ اللهِ: هِيَ سُؤَالُ الشَّافِعِ للهِ تَعَالَى جَلْبَ خَيْرٍ لِلْمَشْفُوعِ لَهُ أَوْ دَفْعَ ضُرِّ عَنْهُ، وهذه الحقيقَةُ مُركَّبةٌ مِن أمورٍ أربعَةٍ:

1 – أنَّ الشَّفاعةَ طلَبٌ وسُؤالٌ ودُعاءٌ؛ فلابُدَّ أن يتَقدَّمَ بالشَّفاعةِ عند الله سُبحَانه طَالبُها وهو الشَّافعُ.

2 – أنَّ هذه الشَّفاعَةَ عنده سُبحَانهُ تَصْدُر مِن شَافعٍ وهو مَنْ أثْبتَ له حَقَّ الشَّفاعةِ في الكتَابِ والسُّنةِ.

3 – أنَّ هذَا السُّؤالَ مُتَوجَّهٌ بهِ إلى الرَّبِّ جلَّ وعلَا لا إلَى غَيْرِه؛ فلا يُقْصَدُ بطَلَبِ الشَّفاعَةِ إلَّا اللهُ، فمَن قصَد بالشَّفاعةِ غَيرَه فقد صَرفَ شيئًا مِن حقِّ الله تعالى لغَيرِه؛ لأنَّ الشَّفاعةَ مُلكُه ولَا تُطلَب إلَّا منهُ.

4 – أنَّ الْمُرادَ منهَا تَحصِيلُ نفْعٍ أو دفْعُ ضُرٍّ لِمَن شُفِعَ لهُ.

* فَائِدَةٌ 54: جاءَت مَسْألةٌ فِي الصَّحيحَينِ وهيَ: إثْباتُ أنَّ اللهَ تعالى يَشْفَعُ؛ فإنَّ أعظَمَ الشُّفعاءِ هو اللهُ تعالَى، فيَشْفَعُ الربُّ جلَّ وعلا لِمَن شاءَ عنْدَ نَفسِه؛ وهذا كقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ)؛ فإنَّ الرِّضَا والسَّخَط كِلَيْهِما مِن صفَات اللهِ تعالى، فاستَعاذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِن هذه الصِّفةِ بتلك الصِّفةِ؛ وكذلك فإنَّ الربَّ جلَّ وعلَا يشْفَعُ عند نَفْسِه لِمَن يشَاءُ مِن خَلْقِه.

* فَائِدَةٌ 55: يُقالُ: (الْآيَتَانِ يُتَوَهَّمُ مِنْهُمَا التَّعَارُضُ)، ولا يُقالُ: (الْآيَتَانِ تُوهِمَانِ التَّعَارُضَ)؛ لأنَّ آيَ الكتَاِب لا يُوهِم شَيءٌ منهَا بَاطلًا، وإنَّما يكُون التَّوهُّمُ باعتبَار النَّاظِر.

* فَائِدَةٌ 56: قولُ بعضِ النَّاسِ عن أقوَالِ الصَّحابةِ: (إِذَا تَعَارَضَتْ تَسَاقَطَتْ) سُوءُ أدبٍ مع الصَّحابةِ رضْوانُ الله علَيْهم في جَلالةِ قَدْرِهم، وإنَّما يُقال: (إِذَا تَعَارَضَتْ ارْتَفَعت) أي: ارتفَعَتْ عن الاحتِجاجِ بها على وجْهِ الِاسْتِقلَالِ.

* فَائِدَةٌ 57: لَا يُفلِحُ في العِلْمِ إلَّا مَن كانَ مُتأدِّبًا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير