تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الإمام عبد العزيز الماجِشُون (ت. 164 هـ / من تابعي التابعين) في رسالته: «فأما الذي جحد ما وصف الرب من نفسه تعمُّقا وتكلفًا، فقد استهوته الشياطين في الأرض حيران، فصار يستدل بزعمه على جحد ما وصف الرب وسمَّى من نفسه، بأن قال: لا بُد إن كان له كذا مِن أن يكون له كذا، فعمِيَ عن البّيِّن بالخفي، فجحد ما سمَّى الرب من نفسه ... » ثم تكلم عن آيات وأحاديث رؤية الله يوم القيامة، وذكر مجموعة من نصوص الصفات كقوله تعالى {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75]، وحديث ”لَا تَمْتَلِئُ النَّارُ حَتَّى يَضَعَ الْجَبَّارُ فِيهَا قَدَمَهُ“ وقوله سبحانه: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر: 67]، ثم قال: «فوالله ما دلَّهم على عظم ما وصف به نفسه، وما تحيط به قبضته، إلا صغر نظيرها منهم عندهم – إنّ ذلك الذي أُلقِيَ في رُوعهم (3)، وخلق على معرفته قلوبهم، فما وصف الله من نفسه وسمّاه على لسان رسوله سميناه كما سماه، ولم نتكلف منه علم ما سواه، لا هذا، ولا هذا، ولا نجحد ما وصف، ولا نتكلف معرفة ما لم يصف.» (4)

وعن شقيق بن سلمة أن شريحًا قرأ: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} [الصافات: 12]؛ قال شريح: إن الله لا يعجب من شيء، إنما يعجب من لا يعلم. قال الأعمش: فذكرته لإبراهيم (النخعي / ت. 196 هـ) فقال: «إن شريحا كان يعجبه رأيه، إن عبد الله (بن مسعود) كان أعلم من شريح، وكان عبد الله يقرؤها {بل عجبتُ} (بضم التاء)» ا. هـ (5). أي أن الذي يعجب هو الله عز وجل.

قال أبو جعفر النحَّاس (ت. 338 هـ): «وهذا الذي قاله - أي شريح- لا يلزم، وبضم التاء قرأ علي بن أبي طالب وابن مسعود وابن عباس (رضي الله عنهم). ومعنى التعجب في اللغة: أن يُنكر الشيءُ ويَقِلَّ، فَيُتعجّب منه، فالله جل وعز العالم بالأشياء، وبما يكون، ولكن لا يقع التعجب إلا بعد الكون. فهو منه جل وعلا خلافُه من الآدميين؛ لأنه قد علمه قبلُ وبعدُ» (6). فلا يلزم أن يكون الله غير عالم بالشيءِ حتى يعجب منه، وإن كان ذلك لازمًا في المخلوق، فالله {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}.

4. أما الاعتراض على بعض الصفات الواردة في الكتاب والسنة على أنها جارحة وأعضاء، كصفة اليد والقَدم؛ فإن هذا من كيفية هذه الصفات في المخلوقين، والله ليس كمثله شيء، وكيفية صفات الله عز وجل من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا هو سبحانه، وواجبنا الإيمان والتسليم. ومثل هذه الاعتراضات لم تكن معروفة في عهد السلف رحمهم الله إلا عند المبتدعة كالجهمية والمعتزلة وغيرهم، أما السلف الصالح فكانوا يؤمنون بها كما جاءت، ويقولون عن كل الصفات: «أمروها كما جاءت بلا كيف ( http://as-salaf.com/article.php?aid=68&lang=ar)»، أي أمروها على ظاهرها دون السؤال عن تلك الصفة: كيف هي؟ بل يفوضون كيفيتها لله عز وجل.

صح عن الصحابي عبد الله بن عباس (ت. 68 هـ) –رضي الله عنه- أنه أنكر على من استنكر شيئا من نصوص الصفات بزعم أن الله منزه عما تدل عليه تلك الآيات أو الأحاديث؛ فروى عبد الرزاق في "مصنفه" ... أن طاووس بن كيسان قال: سمعت رجلاً يُحدث ابن عباس بحديث أبي هريرة: ”تحاجت الجنة والنار“، وفيه: ”فلا تمتلي حتى يضع رجله“ -أو قال: ” قدمه - فيها“؛ فقام رجل فانتفض، فقال ابن عباس –رضي الله عنه-: «ما فَرَقُ هؤلاء؟! يجدون عند محكمه، ويهلكون عند متشابهه». (7)

قال الحافظ عثمان الدارمي ( http://as-salaf.com/article.php?aid=19&lang=ar) ( ت. 280 هـ) في رده على بِشر المريسي المعتزلي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير