تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إذا بطل السمع حصل الصمم، وإذا بطل البصر حصل العمى، فيكون الله تعالى في قول من يثبت السميع ولا يثبت السمع، سميعاً أصم وبصيراً أعمى، كما تقول في القدير والعليم، فيبطل الصفات كلها وتكون ألفاظاً لا معاني لها، ويكون الله تعالى خالياً عن الصفات والأسماء التي هي صفات -تعالى الله عما يقول المعطلة-.

الأصل السادس: نصوص الصفات محكمة ليست متشابهة؛ فصفات الله معلومة المعنى من لغة العرب، وإنما جهل العباد بكيفياتها.

عن سفيان بن عيينة قال: سئل ربيعة عن قوله: (الرحمن على العرش استوى) كيف استوى؟ قال: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول ومن الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ وعلينا التصديق. رواه اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (برقم 665).

و عن جعفر بن عبد الله قال: جاء رجل إلى مالك بن أنس؛ فقال: يا أبا عبد الله (الرحمن على العرش استوى) كيف استوى؟، قال: فما رأيت مالكا وجد من شيء كموجدته من مقالته وعلاه الرحضاء -يعني العرق- قال: واطرق القوم وجعلوا ينتظرون ما يأتي منه فيه، قال فسري عن مالك فقال: الكيف غير معقول والاستواء منه غير مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة؛ فإني أخاف أن تكون ضالا وأمر به فأُخرج. رواه اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (برقم 664).

الأصل السابع: القول في بعض الصفات كالقول في بعض

قال الامام خطيب أهل السنة ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث (ص 322):

والذي عندي والله تعالى أعلم أن الصورة ليست بأعجب من اليدين والأصابع والعين، وإنما وقع الإلف لتلك لمجيئها في القرآن ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأت في القرآن ونحن نؤمن بالجميع ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حد.

وقال الامام أبوعثمان الصابوني (449) في عقيدة السلف أصحاب الحديث (ص23):

وكذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن، ووردت بها الأخبار الصحاح من السمع والبصر والعين والوجه والعلم والقوة والقدرة، والعزة والعظمة والإرادة، والمشيئة والقول والكلام، والرضا والسخط والحياة، واليقظة والفرح والضحك وغيرها من غير تشبيه لشيء من ذلك بصفات المربوبين المخلوقين، بل ينتهون فيها إلى ما قاله الله تعالى، وقاله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم من غير زيادة عليه ولا إضافة إليه، ولا تكييف له ولا تشبيه، ولا تحريف ولا تبديل ولا تغيير، ولا إزالة للفظ الخبر عما تعرفه العرب، وتضعه عليه بتأويل منكر، ويجرونه على الظاهر.

وقال الامام ابن عبدالبر (463) في التمهيد (7/ 143):

أَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: يَنْزِلُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا؛ فَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ التَّنَازُعَ فِيهِ، وَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَئِمَّةِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: يَنْزِلُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُصَدِّقُونَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَا يُكَيِّفُونَ، وَالْقَوْلُ فِي كَيْفِيَّةِ النُّزُولِ كَالْقَوْلِ فِي كَيْفِيَّةِ الِاسْتِوَاءِ وَالْمَجِيءِ، وَالْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ وَاحِدَةٌ.

الأصل الثامن: القول في الصفات كالقول في الذات.

قال الامام أبو سليمان الخطابي (388) في الغنية عن الكلام وأهله كما الفتوى الحموية (ص 362 - 363):

فأما ما سألت عنه من الصفات، وما جاء منها في الكتاب والسنة، فإن مذهب السلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عنها، وقد نفاها قوم فأبطلوا ما أثبته الله، وحققها قوم من المثبتين، فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف، وإنما القصد في السلوك الطريقة المستقيمة بين الأمرين، ودين الله تعالى بين الغالي فيه والمقصر عنه، والأصل في هذا: أن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، يحتذى في ذلك حذوه وأمثاله، فإذا كان معلومًا أن إثبات الباري سبحانه إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف ..

وقال الامام الخطيب البغدادي (463) في جوابه لأهل دمشق في الصفات (ص 64):

أما الكلام في الصفات؛ فإن ما رُوِي منها في السنن الصحاح مذهب السلف رضوان الله عليهم إثباتها, وإجراؤها على ظواهرها, ونفي الكيفية والتشبيه عنها، وقد نفاها قوم فأبطلوا ما أثبته الله سبحانه, وحققها من المثبتين قوم فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف.

والقصد إنما هو سلوك الطريقة المتوسطة بين الأمرين , ودين الله بين الغالي فيه, والمقصر عنه، والأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع على الكلام في الذات, ويحتذي في ذلك حذوه ومثاله؛ فإذا كان معلوما أن إثبات رب العالمين عز وجل إنما هو إثبات وجود, لا إثبات كيفية , فكذلك إثبات صفاته, إنما هو إثبات وجود, لا إثبات تحديد وتكييف.

وقال الامام البغوي (516) بعد ذكره نصوصاً في الصفات في شرح السنة (1/ 70):

فهذه ونظائرها صفات لله تعالى ورد بها السمع يجب الإيمان بها وإمرارها على ظاهرها معرضا فيها عن التأويل، مجتنبا عن التشبيه، معتقدا أن الباري سبحانه وتعالى لا يشبه شيء من صفاته صفات الخلق،كما لا تشبه ذاته ذوات الخلق، قال الله سبحانه وتعالى: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).

وقال الامام قوام السنة الأصبهاني (535) في الحجة (1/ 175):

والطريقة المحمودة هي الطريقة المتوسطة بين الأمرين، وهذا لأن الكلام في الصفات فرع على الكلام في الذات، وإثبات الذات إثبات وجود، لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات الصفات وإنما أثبتناها لأن التوقيف ورد بها، وعلى هذا مضى السلف.

وقال (2/ 186):

وليس في إثبات الصفات ما يفضي إلى التشبيه، كما أنه ليس في إثبات الذات ما يفضي إلى التشبيه، وفي قوله: (ليس كمثله شيْءٌ) دليل على أنه ليس كذاته ذات، ولا كصفاته صفات.

استفدت بعض النقول من كتاب "القواعد والضوابط السلفية في أسماء وصفات رب البرية" للشيخ أحمد النجار جزاه الله خيراً وأثابه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير