تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

-ومنه الجحود والرد كقوله تعالى: فَلَمَّا جَآءَهُم مَّاعَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَافِرِينَ [البقرة:89]. وكذا جحود النعم في قوله تعالى: فَاذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِى وَلاَتَكَفُرُونِ [البقرة:152].

-ومنه التبرؤ والبراءة، كما ذكر الله ذلك عن الكافرين بعضهم مع بعض يوم القيامة في قوله من سورة العنكبوت: ثُمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَالَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ

أما المعنى الشرعي الاصطلاحي للكفر فهو: في موارد نصوص الوحيين الكثيرة التي تجعل الكفر في عدم الإيمان أو عدم التوحيد أو الوقوع في الشرك والردة ..

فالإيمان والكفر متى حصل أحدهما حصولاً كاملاً انتفى الآخر، أما إذا وقع أحدهما ناقصاً اشترك معه الآخر في هذا النقص.

ولما كان شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- وهو من هو في علمه وفهمه وترسمه منهج السلف الصالح – اعتنى بهذه المسألة العقدية عناية واضحة في تصانيفه، فإني أنقل لك بعض كلامه هاهنا:

1 - فقال في قاعدة في الفتاوى (20/ 86): "الكفر عدم الإيمان باتفاق المسلمين سواء اعتقد نقيضه وتكلم به، أو لم يعتقد شيئاً ولم يتكلم، ولا فرق في ذلك بين مذهب أهل السنة والجماعة الذين يجعلون الإيمان قولاً وعملاً بالباطن والظاهر، وقول من يجعله نفس اعتقاد القلب كقول الجهمية وأكثر الأشعرية، أو إقرار اللسان كقول الكرامية، أو جميعها كقول فقهاء المرجئة وبعض الأشعرية، فإن هؤلاء مع أهل الحديث، وجمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنبلية وعامة الصوفية وطوائف من أهل الكلام من متكلمي السنة وغير متكلمي السنة من المعتزلة والخوارج وغيرهم، متفقون على أن من لم يؤمن بعد قيام الحجة عليه بالرسالة فهو كافر، سواء كان مكذبا أو مرتاباً أو معرضاً أو مستكبراً أو متردداً أو غير ذلك" اهـ.

فبيَّن الشيخ أن الكفر يكون بالاعتقاد أو بعدمه، فلم ينحصر بالتكذيب، بل وأيضاً هو في الارتياب أو الإعراض أو الاستكبار أو التردد.

3 - ويقول تلميذه ابن القيم في كتاب الصلاة (53): " ... فالكفر والإيمان متقابلان إذا زال أحدهما خلفه الآخر" اهـ.

4 - ويقول شيخ الإسلام رحمه الله في درء التعارض في معرض رده على المتكلمين في أصول التكفير عندهم (1/ 242): " ... فإنه ليس في الشرع أن من خالف مالا يعلم إلا بالعقل يكفر، وإنما الكفر يكون بتكذيب الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما أخبر به، أو الامتناع عن متابعته مع العلم بصدقه، مثل كفر فرعون واليهود ونحوهم .. " اهـ.

فهنا الكفر يكون بالتكذيب تارة ويكون بغيره تارات، وليس الكفر محصوراً ومقيداً بالتكذيب، فإن الامتناع عن متابعة الرسول يكون كفراً حتى لو لم يصاحبه تكذيب، فإن فرعون يعلم صدق موسى في رسالته كما ذكر الله -عز وجل- عنهم بقوله عنهم في سورة النمل: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ.

وفي سورة الإسراء يقول الله -عز وجل- عن موسى لفرعون: قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَآ أَنزَلَ هَؤُلآءِ إِلاَّ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّى لأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا.

وكذا اليهود وأهل الكتاب يعلمون صدق الرسول -صلى الله عليه وسلم-: بل ويعرفونه أشد من معرفتهم لأبنائهم، كما يقول -عز وجل- في سورة البقرة: الَّذِينَ ءَاتَيْنَاهمُ الْكِتَابَ يَعْرِفونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ.

فالكفر يكون بالتكذيب والجحود ويكون بغيره من الإعراض والشك والاستكبار .... " اهـ.

5 - ويقول – رحمه الله- في أول "الكيلانية" من مجموع الفتاوى 12/ 335: " ... فإن الكفر عدم الإيمان بالله ورسله، سواء كان معه تكذيب، أو لم يكن معه تكذيب، بل شك وريب، أو إعراض عن هذا كله حسداً أو كبراً أو اتباعاً لبعض الأهواء الصارفة عن اتباع الرسالة، وإن كان الكافر المكذب أعظم كفراً، وكذلك الجاحد المكذب حسداً مع استيقان صدق الرسل، والسور المكية كلها خطاب مع هؤلاء".

قواعد مهمة في معرفة أنواع الكفر:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير