[حديث معاذ أعيا القرون الأولى!]
ـ[توبة]ــــــــ[01 - 02 - 08, 12:20 ص]ـ
السلام عليكم
بم يؤول المالكية حديث معاذ، وهم يقولون بعدم جواز صلاة المفترض خلف المتنفل (أو عدم جواز اختلاف نية الإمام و المأموم)؟
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[01 - 02 - 08, 02:35 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
بارك الله فيكم
قد وافق المالكية في قولهم بعدم جواز اقتداء المفترض بالمتنفل الحنفية وأحمد في الرواية المشهورة اختارها أكثر الحنابلة وقد رجع عن القول بجواز ذلك قال في رواية المروذي: كنت أذهب إليه _ يعني حديث معاذ _ ثم ضعف عندي، وقد ذكروا أجوبة عن حديث معاذ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - منها:
الجواب الأول: انه ليس في حديث معاذ هذا أن ما كان يصليه بقومه كان نافلة له أو فريضة فقد يجوز أن يكون كان يصلى مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نافلة ثم يأتى قومه فيصلى بهم فريضة فان كان ذلك كذلك فلا حجة لكم في هذا الحديث ويحتمل أن يكون كان يصلى مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فريضة ثم يصلى بقومه تطوعا كما ذكرتم فلما كان هذا الحديث يحتمل المعنيين لم يكن أحدهما أولى من الآخر ولم يكن لأحد أن يصرفه الى أحد المعنيين دون المعنى الآخر إلا بدلالة على ذلك فقال أهل المقالة الأولى فانا قد وجدنا في بعض الآثار أن ما كان يصليه بقومه هو تطوع وأن ما كان يصليه مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فريضة.
واحتجوا من قصة معاذ برواية عمرو بن يحيى عن معاذ بن رفاعة الزرقي عن رجل من بني سلمة أنه شكا إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تطويل معاذ بهم فقال له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "يا معاذ لا تكن فتانا إما أن تصلي معي وإما أن تخفف عن قومك ".
قالوا: وهذا يدل على أن صلاته بقومه كانت فريضته وكان متطوعا بصلاته مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وصلاة المتنفل خلف من يصلي الفريضة لا يختلفون في جوازها.
لكن أورد على هذا الجواب ما يلي:
أحدهما: انه ورد في بعض الروايات أن معاذا 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - كان يصلى مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - العشاء ثم ينصرف الى قومه فيصليها بهم هى له تطوع ولهم فريضة "
واجاب الأولون بان هذه الزيادة مدرجة من ابن جريج وقد روى الحديث عن عمرو بن دينار: (ابن عيينة وشعبة ومنصور) ولم يذكروا هذه اللفظة قال ابن الجوزي هذه الزيادة لا تصح ولو صحت فهو ظن من جابر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وبنحو ذلك قال ابن العربي في شرح الترمذي وهذا ما مال إليه الطحاوي في شرح معاني الآثار أن هذه اللفظة مدرجة.
والثاني: أنه يبعد أن يفرط معاذ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - بالفريضة مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ويصلي معه النافلة كذا قال الشافعي رحمه الله ورد ذلك الإمام أحمد أيضاً ..
الثالث: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: " "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة" وهذا مانع لكل أحد أن تقام صلاة فريضة لم يصلها فيشتغل بنافلة عنها ذكر ذلك ابن عبد البر في التمهيد.
الجواب الثاني: لم يكن في ذلك دليل أنه كان بأمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولا أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لو أخبره به لأقره عليه وهذا الجواب ذكره احمد وأنكر علم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وضعف رواية ابن عيينة في بيان علم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بذلك وقال ما ارى ذلك محفوظاً وفي رواية قال ليس عندي ثبتاً وذلك ان منصور بن زاذان وشعبة وايوب رووا الحديث عن عمرو بن دينار عن جابر بدون الزيادة.
الجواب الثالث: يحتمل أن يكون ذلك في وقت ما كانت الفريضة تصلى مرتين فان ذلك قد كان يفعل في أول الإسلام حتى نهى عنه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فيكون هذا الحكم منسوخاً كذا قال الطحاوي في شرح معاني الاثار ورده ابن دقيق بأن احتمال النسخ يحتاج إلى دليل ثم إن الجمع ممكن فلا حاجة إلى القول بالنسخ.
الجواب الرابع: أن ذكر صلاة معاذ مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غير محفوظ _ كذا قال احمد _ وإنما المحفوظ انه كان يصلي بقومه ويطيل بهم ولم يذكر صلاته مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كذا رواه:
1 - عَبْد العزيز ابن صهيب عَن أَنَس.
2 - وأبو الزُّبَيْر، عَن جابر.
3 - محارب بن دثار عَن جابر.
4 - وأبو صالح عن جابر (رجح الدارقطني في العلل أنه مرسل بهذا الطريق).
فما رواه عمرو بن دينار عن جابر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - غير محفوظ عند أحمد.
الجواب الخامس: أَنَّهُ كان فِي أول الإسلام، وكان من يقرأ القرآن قليلاً، فكان يرخص لهم فِي ذلك توسعة عليهم، فلما كثر القراء انتسخ ذلك ذكر ذلك أحمد فيما رواه عنه إبراهيم الحربي وكذا قال ابن معين أيضاً.
الجواب السادس: أن هذا على جهة التعليم من معاذ لقومه يعني: لم يكن يصلي بهم إلا ليعلمهم صلاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، كما علم مالك بن الحويرث قومه صلاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولم يرد الصلاة،
ولكن الفرق بينه وبين حديث معاذ: أن مالك بن الحويرث علم قومه الصلاة في غير وقت صلاة، فكانوا كلهم متنفلين بالصلاة، ومعاذ كان يصلي المكتوبة، ثم يرجع إلى قومه، وهم ينتظرونه حتى يؤمهم فيها، فكانوا مفترضين ذكر هذا حنبل عن الإمام أحمد.
الجواب السابع: انها حكاية حال محتملة فلا يستدل بها ذكره العيني في عمدة القاري.
وينظر للفائدة:
التمهيد لابن عبد البر (24/ 368) شرح معاني الآثار للطحاوي (1/ 408) وما بعدها فتح الباري لابن رجب (6/ 240 - 246) عمدة القاري للعيني (8/ 419)
¥