تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ما حكم الموعظة في المقبرة؟]

ـ[عبد الرشيد الهلالي]ــــــــ[18 - 01 - 08, 12:58 ص]ـ

الحمد لله وبعد:فقد صار بعض الناس يغتنمون اجتماع الناس في المقبرة ينتظرون الفراغ من دفن الميت فيقوم أحدهم بوعظ الناس وفشى ذلك وعرف حتى أصبح أمرامستقرا خاصة إذا كان الهالك من علية القوم.بل وزاد الحال أن خصصوا في المقبرة مكانا لهذه الموعظة ونصبوا مكبرا للصوت. ومن يدري فقد يأتي اليوم الذي ينصبون فيه منبرا؟ نرجوا إفادتنا بالحكم الشرعي في هذه المسألة.

ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[18 - 01 - 08, 02:57 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ورد في فضل تشييع جنازة المسلم والصلاة عليه حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتفق عليه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من شهد الجنازة حتى يصلي , فله قيراط , ومن شهد حتى تدفن , فله قيراطان , قيل: وما القيراطان ? , قال: مثل الجبلين العظيمين " , وقد ورد في المرفوع أن القيراط مثل أحد , وورد أنه أعظم من أحد , والمراد التمثيل لعظم ثواب الصلاة والتشييع في ميزان العبد يوم القيامة , بأمر محسوس , وفضل الله واسع , وعطاؤه لا يقدر قدره المخلوق.

وإذا علمت أن الإنتظار حتى يدفن الميت سبب في حصول هذا الأجر العظيم , فلا ينبغي للمشيع أن يفرط فيه إلاّ لمانع , لكن إذا تم ذلك فلا وجه للبقاء في المقبرة انتظاراً لما يسمّى عندنا بالتّعزية , فإنها من البدع , كيف وقد أصبح الناس يرونها من جملة أحكام الجنازة التي لا تستقيم ولا تتم بدونها , تُلقى فيها الخطب , ويكثر فيها الكلام , ويستمع فيها للمواعظ , وكثيراً ما يتجاوز ذلك إلى ذكر محاسن الميّت , والتنويه به , ثم يختم ذلك بالتّعزية الجماعية , والذي عرف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله هو ما جاء في حديث البراء بن عازب الذي رواه أبو داود وأحمد وغيرهما , وفيه أنه جلس وجلس أصحابه حوله , وذكرهم بخروج روح المؤمن , وما تلا قيه من الخير والإحسان , وبخروج روح الكافر والفاجر وما تلا قيه من الشر والتثريب , حتى إذا انتهى من الدفن انصرفوا , وهكذا ما رواه البخاري وغيره عن علي بن أبي طالب أنهم كانوا في جنازة في بقيع الغرقد , فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله. . . الحديث , وقد ثبت أنه قال لأصحابه عن بعض من دفنوه: " نستغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل " , وهذا هو الذي يقتضيه العقل السليم , والذهن المستقيم , وهو تحديث الناس إن كان ولا بد وقت الدفن كي يشتغلوا بما جاءوا من أجله , حتى إذا انتهوا منه انصرفوا لشؤونهم.

واعلم أن معظم المشيعين للجنازة حاضرون بأشباحهم لا بأرواحهم , يفوتهم الاتعاظ والاعتبار بالموت , لاشتغالهم عنه بالحديث في شؤون حياتهم , وكثيراً ما يتجاوزون ذلك إلى اللغو واللهو , بل وإلى ما حُرم عليهم , وقد كان سلفهم على خلاف ذلك , ففي كتاب النوادر لابن أبي زيد القيرواني رحمه الله (الاستكانة في الجنازة) , قال ابن حبيب: ويكره الضحك والاشتغال بالحديث والخوض , وكان يُرى على النبي صلى الله عليه وسلم فيها كآبة , ويرون أنه يحدث نفسه بأمر الموت , وما هو صائر إليه , وسمع فيها أبو قلابة صوت قاص فقال:" كانوا يعظمون الموت بالسكينة " , قال مطرف بن عبد الله: " وكان الرجل يلقى الخاص من إخوانه في الجنازة له عنده عهد , فما يزيده على التسليم , ثم يعرض عنه , حتى كأن له عليه موجدة , اشتغالاً بما هو فيه , فإذا خرج من الجنازة ساء له عن حاله ولا طفه , وكان من أحسن ما كان يعهد ".

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله كما في لقاءات الباب المفتوح

عن مدى مشروعية الموعظة عند القبر ?

فقال " نعم. القول بأنها ما وردت على إطلاقه غير صحيح , والقول بأنها سنة غير صحيح , ووجه ذلك أنه لم يرد أن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يقف عند القبر أو في المقبرة إذا حضرت الجنازة ثم يعظ الناس ويذكرهم كأنه خطيب جمعة , وهذا ما سمعنا به , وهو بدعة وربما يؤدي في المستقبل إلى شيئ أعظم , ربما يؤدي إلى أن يتطرق المتكلم إلى الكلام عن الرجل الميت الحاضر. . . والحاصل أن الموعظة التي هي قيام الإنسان يخطب عند الدفن أوبعده ليست من السنة ولا تنبغي لما عرفت , وأما الموعظة التي ليست كهيئة الخطبة كإنسان يجلس ومعه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير