شرح بَاب مَا جَاءَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ من سنن الترمذي للشيخ الشنقيطي
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[14 - 01 - 08, 11:28 ص]ـ
الشارح هو فضيلة الشيخ الدكتور/محمد بن محمد المختار الشنقيطي -حفظه الله- المدرس بالمسجد النبوي الشريف وجامع الملك سعود بجدة.
ـــــ
قال المصنف -رحمه الله-: بَاب مَا جَاءَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ وَمَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ قَالاَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي قَيْسٍ عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ:" تَوَضَّأَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ ".
قَالَ أَبو عِيسَى-رحمه الله-: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَقُ قَالُوا يَمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ نَعْلَيْنِ إِذَا كَانَا ثَخِينَيْنِ قَالَ وَفِي الْبَاب عَنْ أَبِي مُوسَى.
قَالَ أَبو عِيسَى-رحمه الله-: سَمِعْت صَالِحَ بْنَ مُحَمَّدٍ التِّرْمِذِيَّ قَال سَمِعْتُ أَبَا مُقَاتِلٍ السَّمَرْقَنْدِيَّ يَقُولُ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ وَعَلَيْهِ جَوْرَبَانِ فَمَسْحَ عَلَيْهِمَا ثُمَّ قَالَ فَعَلْتُ الْيَوْمَ شَيْئًا لَمْ أَكُنْ أَفْعَلُهُ مَسَحْتُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَهُمَا غَيْرُ مُنَعَّلَيْنِ.
الشرح:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين أما بعد:
فيقول المصنف -رحمه الله-" باب ما جاء في المسح على الجوربين": قصد المصنف-رحمه الله-بهذه الترجمة أن يبين ما ورد عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الأحاديث التي تدل على جواز المسح على الجوربين، ولما فرغ -رحمه الله- من باب الأحاديث الصحيحة والتي تدل على مشروعية المسح على الخفين شرع في بيان الأحاديث التي تدل على المسح على الجوربين.
والجوربان مثنى جورب والفرق بين الجوربين والخفين أن الجورب يكون من غير الجلد كالصوف والكتان ونحوهما، وأما بالنسبة للخفين فإنهما يكونان من الجلد، ولذلك قال العلماء -رحمهم الله -: إن الجوربين لا يختصان بالنعل والقماش، وفي عرفنا اليوم يسمى الجورب بالشراب في كلام العامة ولا يعرف له أصل من اللغة.
وقوله-رحمه الله-:" عن المغيرة بن شعبة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - توضأ ومسح على الجوربين والنعلين"؛ الجوربان لهما ثلاثة أحوال:
الحالة الأولى: أن يكونا مجلدين وهما ما كان أسفلهما من الجلد.
والحالة الثانية: أن يكونا ثخينين غير مجلدين.
والحالة الثالثة: أن يكونا رقيقين.
فأما إذا كان الجوربان مجلدين، فصورة ذلك أن يكون أعلى الجورب من القماش وأسفله من جهة باطن القدم من الجلد وهذا النوع لا يزال يصنع إلى يومنا؛ وقد كان موجوداً علىعهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والعصور الأول كانوا يصنعون هذا النوع من الجوارب؛ لأنه يمكن للإنسان أن يمشي به فكانوا إذا غطوا به القدم مشى به الإنسان ولم يحتج إلى النعل معه هذا النوع من الجوارب نص جماهير العلماء -رحمهم الله-على جواز المسح عليه وبذلك قال فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية-رحمة الله على الجميع-.
وقد روي المسح على الجوربين عن على بن أبي طالب وعمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وعن بلال والبراء ابن عازب وأبي العباس سهل بن سعد الساعدي-رضي الله عن الجميع-، وقال به جمع من فقهاء التابعين كسعيد بن المسيب والحسن البصري وقتادة وغيرهم-رحمة الله على الجميع-.
¥