تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واعتُرض على الاستدلال بذلك بما يلي:

الاعتراض الأول: أن إباحة المعازف لا تثبت عن أحد من الصحابة أو أحد من الأئمة المقتدى بهم، وهذا النقل عن الصحابة باطل (111).

الاعتراض الثاني: قال ابن القيم: "أما ما نقل عن ابن عمر رضي الله عنه فإنه نقل باطل، والمحفوظ عنه ذمه للغناء، ونهيه عنه، كما هو المحفوظ عن إخوانه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كابن مسعود وابن عباس وغيرهم رضي الله عنهم" (112).

الاعتراض الثالث: وأما ما نقل عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه - إن صح - فليس هو ممن يُعارض به أركان الأمة؛ كابن مسعود وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم ومن احتج بفعل عبد الله بن جعفر فليحتج بفعل معاوية في قتاله لعلي رضي الله عنهم، وأمثال ذلك مما لا يصح لأهل العلم أن يُدخلوه في أدلة الشرع (113).

قال الألباني - رحمه الله - عن الشوكاني في نقله للآثار عن الصحابة والتابعين وغيرهم، ممن نُسِبَ إليهم سماع المعازف قال: "وتوسع - أي الشوكاني - في ذلك توسعاً لا فائدة منه؛ لأنها أقوال غالبها معلقة لا سنام لها ولا خطام، وبعضها قد صح عن بعضهم خلافه، وبعضها مشكوك في لفظه، والجواب على هذه الأقوال من وجهين:

الوجه الأول: أنه لو صحت نسبتها إلى قائليها، فلا حجة فيها؛ لمخالفتها للأحاديث الصحيحة الصريحة الدلالة.

الوجه الثاني: أنه صح عن بعضهم خلاف ذلك، فالأخذ بها أولى بل هو الواجب".

ثم ذكر - رحمه الله - ما تيسر له الوقوف عليه، فذكر عن غير واحد من السلف أنه صح عنهم خلاف ذلك (114).

وقال صاحب كتاب الشريعة الإسلاميه والفنون: "ولعل السلف الذين سمعوا مثل تلك الآلات - إن ثبت ذلك عنهم -، أو ذهبوا إلى إباحتها لم تصلهم الأحاديث الدالة على تحريم المعازف والمزامير والملاهي، أو أنها وصلت إليهم ولم تثبت عندهم، فردوا الأمر إلى أصل الإباحة" (115).

أقول: سواء صح عنهم ذلك أولم يصح، فإنه لا حجة في قول أحد بعد قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.

كما أن "هذه الآثار والحكايات والمستندات والتأويلات التي اعتمدها الذين ذهبوا إلى إباحة المعازف والمزامير وأصوات الملاهي كلّها، لا تقوى أمام الأحاديث الصحيحة ... والحكايات المتناسبة مع سلوكيات العلماء، التي اعتمدها الذين ذهبوا إلى تحريم المعازف بجميع آلاتها" (116).

رابعاً: إجماع أهل المدينة:-

حكى ابن طاهر إجماع أهل المدينة على إباحة الاستماع إلى المعازف (117).

واعتُرض عليه: بأن "هذه مجازفة، وإنما فعل ذلك بالمدينة أهل المجانة (118) والبطالة" (119).

وقال في كف الرعاع: "وأما ما حكاه ابن طاهر من إجماع أهل المدينة فهو من كذبه وخرافاته، فإنه رجل كذَّاب يروي الأحاديث الموضوعة، ويتكلم عليها بما يوهم العامة صحتها .... وأيضاً فهو مبتدع إباحي ... ومن ثَمَّ قال بعضهم فيه: إنه رجس العقيدة نجسها، ومَنْ هذه حاله لا يُلتفت إليه، ولا يُعوَّل عليه" (120).

خامساً: من المعقول:-

1. أن القياس يقتضي إباحة الأصوات الصادرة عن آلات العزف، وذلك اعتباراً بإباحة سماع صوت العندليب وسائر الطيور، فيقاس عليها الأصوات الخارجة من سائر الأجسام باختيار الآدمي؛ كالذي يخرج من القضيب والطبل والدف وغيرها (121).

واعتُرض على الاستدلال بهذا:

بأن ثمة أمور مقدمة على القياس توجب حرمة هذه الآلات، منها ورود الأحاديث الصحيحة القائلة بالحرمة، وقيام الإجماع على حرمتها، فهذه تُلغي القياس لو فُرِضَت صحته، فكيف وهو لم يصح؟؛ إذ القياس في مورد النص قياس فاسد، وإنما القياس فيها الحرمة؛ وذلك لما تقرر في الشريعة أن وسائل المعاصي معاصٍ مثلها، وهذه الآلات وسائل إلى المعاصي، فيكون الضرب عليها وسماعها معصية (122).

2. أن القلوب تَسْتَلِذُّ بالأصوات الطيبة وترتاح إليها مما لا يمكن جحوده (123).

واعتُرض عليه: بأن الصوت الطيب لذيذ مطرب، وهذا أمر يشترك فيه جميع الناس، لكن أي شيء في هذا يدل على الأحكام الشرعية، من كونه مباحاً أو مكروهاً أو محرماً، سيما أنَّ هذه اللذَّة تقع في الأمور المكروهة والمباحة والمحرمة (124).

3. إنَّ سماع العود ينفع من بعض الأمراض فيباح سماعه (125).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير