تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: يتضح لنا من هذه النقول عن هؤلاء الأئمة في معنى هذا الحديث أنه لا يدل بوجه من الوجوه على ما ادعاه الغزالي أو غيره من المعاصرين من إباحة الغناء مطلقا والله أعلم.

الشبهة السادسة: الاستدلال بحديث ابن عمر على إباحة الغناء مطلقاً

الرد على هذه الشبهة:

رد على هذا الزعم شيخ الإسلام ابن تيمية (السماع والرقص لشيخ الإسلام: ص 27): " ... فإن من الناس من يقول بتقدير صحة الحديث لم يأمر ابن عمر بسد أذنه، فيجاب بأن ابن عمر لم يكن يستمع، وإنما كان يسمع، وهذا الإثم فيه، وإنما النبي صلى الله عليه وسلم عدل طلباً للأكمل والأفضل، كمن اجتاز بطريق فسمع قوماًيتكلمون بكلام محرم فسد أذنه كيلا يسمعه، فهذا حسن، ولو لم يسد أذنه لم يأثم بذلك، اللهم إلا أن يكون في سماعه ضرب ديني لايندفع إلا بالسد."

جاء في رسالة في السماع والرقص لابن محمد المنجي الحنبلي رحمه الله: " ... والأمر والنهى إنما يتعلق بالاستماع لا بمجرد السماع، كما في الرؤية، فإنه يتعلق بقصد الرؤية لأنها يحصل منها بغير الاختيار، وكذلك في اشتمام الطيبإنما يُنهى المُحْرِم عن قصد الشم ... وكذلك في مباشرة المحرمات كالحواس الخمس من السمع والبصر والشم والذوق واللمس إنما يتعلق الأمر والنهي في ذلك بما للعبد فيه قصد وعمل ... " (عون المعبود: 4/ 435).

قلت: ان تحريم الغناء وآلات الطرب ليس بأشد تحريماً من الخمر، وهو يعلم ان النبي – صلى الله عليه وسلم – عاش ما شاء الله بين ظهراني اصحابه وهم يعاقرونها قبل التحريم، فهل يصح ان يقال: انه – صلى الله عليه وسلم – اقرهم ولم ينههم؟ كذلك نحن نقول: على افتراض دلالة الحديث على الاباحه، انه يحتمل انه كان قبل التحريم، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال.

الشبهة السابعة:قولهم: إباحة الغناء والمعازف ثبت عن الصحابة:

حيث قال الدكتور القرضاوي في فتواه: "وقد روي عن جماعة من الصحابة والتابعين أنهم استمعوا الغناء ولم يروا بسماعه بأسا."

الرد على هذه الشبهة:

إن إباحة المعازف لم يثبت نقله عن أحد من الصحابة أو أحد من الأئمة المجتهدين 0

قال الشيخ محمد بن محمود الصالحي المنبجي الحنبلي: " وإذا عرف هذا فاعلم أنه لم يكن في القرون الثلاثة المفضلة لا بالحجاز ولا بالشام ولا باليمن ولا بمصر والمغرب والعراق وخراسان من أهل الدين والصلاح والزهد والعبادة من يجتمع على مثل سماع المكاء والتعدية لا بدف، ولا بكف، ولا بقضيب، وإنما حدث هذا بعد هذا بعد ذلك في أواخر المائة الثانية، فلما رآه الأئمة أنكروه 0

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " ذكر من صنف في السماع، ومن روى فيه من الأحاديث الموضوعة والمكذوبة، ثم قال: وكثير من المتأخرين أهل الحديث وأهل الزهد وأهل الفقه والتصوف وغيرهم إذا صنفوا في باب ذكروا ماروى فيه من غيث وثمين، ولم يميزوا ذلك 0 كما يوجد في كثير ممن يصنف في الأبواب مثل المصنفين في فضائل الشهور والأوقات وفضائل الأعمال والعبادات وفضائل الأشخاص، وغير ذلك من الأبواب 000" (كف الرعاع 127 - 132).

قال الإمام الأوزاعي رحمه الله تعالى: كتب عمر بن عبدالعزيز إلى (عمر بن الوليد) كتاباً فيه: "000 واظهارك المعازف والمزمار بدعة في الإسلام، ولقد صممتُ أن أبعث إليك من يجزُ جُمَّتك جمَّة سوء " (أخرجه النسائي في سننه (2/ 178) وأبو نعيم في (الحلية) 5/ 270 بسند صحيح) 0

وهذا دليل على أن الغناء بالمعازف كانت مستنكرة عند السلف، بل ذهب شيخ الإسلام إلى أشد من ذلك عندما قال: وقد عُرِفَ بالاضطرار من دين الإسلام أن النبي r لم يشرع لصالحي أمته وعبادهم وزهادهم أن يجتمعوا على إستماع الأبيات الملحنة، مع ضرب بالكف، أو ضرب بالقضيب، أو الدف، كما لم يبح لأأحد أن يخرج عن متابعته واتباع ماجاء من الكتاب والحكمة، لا في باطن الأمر، ولا في ظاهره، ولا لعامي ولا لخاص " (المجموع: 11/ 565)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير