تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن من يرون إباحة الغناء مطلقاً من السابقين أمثال ابن حزمٍ أو من المعاصرين مثل الدكتور يوسف القرضاوي قد استدلوا بآثار موقوفة عن جمع من الصحابة (في زعمهم) أباحوا الغناء. وهذا تناقض غريب أن يبحث وينقب المحللون للغناء خلف البخاري ثم يطعنوا في حديثه ويروا اضطرابه سنداً ومتناً ولا نجد مثل هذا الجهد في تخريج الأثار التي استدلوا بها عن جمع من الصحابة أنهم أباحوا الغناء. والأحرى أن يفعلوا هذا مع من هو دون البخاري في العلم! وأناشد الدكتور يوسف القرضاوي أن يخرج إسناد تلك المرويات المذكورة في فتواه مع بيان صحتها. واذكر بما أخرجه مسلم عن عبد الله بن المبارك أنه قال: إنالإسنادمن الدين، ولولاالإسنادلقال منشاء ما شاء.

وحسبي ما قاله الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في كتابه الإعلام بنقد كتاب الحلال والحرام: "هذا دعوى منه (أى الدكتور القرضاوي) ونحن نطالبه بإبراز الأسانيد الصحيحة إلى هؤلاء الصحابة والتابعين بإثبات ما نسبه إليهم."

الشبهة الثامنة: ردهم لفسير ابن مسعود للآية بأن لهو الحديث هو الغناء

قال ابن حزم في كتابه المحلي معلقاً على من احتج بقوله سبحانه وتعالى "ومن الناس من يشتري لهو الحديث" الآية وقول ابن مسعود رضي الله عنه بأن لهو الحديث هو الغناء: "لا حجة في هذا لوجوه: أحدهما أنه لا حجة لأحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم. والثاني أنه قد خالفهم غيرهم من الصحابة والتابعين. والثالث أن نص الآية يبطل احتجاجهم، لأن الآية بها وصف "ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم، ويتخذها هزوًا" وهذه صفة من فعلها كان كافرًا بلا خلاف، ولو أن امرءاً اشترى مصحفًا ليضل به عن سبيل الله ويتخذها هزوًا لكان كافرًا، فهذا هو الذي ذمه الله تعالى، وما ذم قط عز وجل من اشترى لهو الحديث ليتلهى به، ويروح نفسه، لا ليضل عن سبيل الله تعالى."

الرد على هذه الشبهة:

إن تقديم تفسير الصحابة (كعبد الله بن مسعود رضي الله عنهوابن عباس رضي الله عنهما) لمدلول الآية لاشك أنه الأحرى والأصوب. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (2/ 72): "وكل قول ينفرد به المتأخر عنالمتقدمين، ولم يسبقه إليه أحد منهم، فإنه يكون خطأ."

قال ابن القيم رحمه الله في كتابه إعلام الموقعين (4/ 123): "وأئمة الإسلام كلهم على قبول قول الصحابي."

والمراد بقول الصحابي: هو ما ثبت عن أحد من الصحابة - ولم تكن فيه مخالفة صريحة لدليل شرعي- من رأي أو فتوى أو فعل أو عمل اجتهادي في أمر من أمور الدين. وتسمى هذه المسألة عند الأصوليين بأسماء منها: قول الصحابي أو فتواه أو تقليد الصحابي أو مذهب الصحابي. بل ذهب الشاطبي رحمه الله إلى أن السنة تطلق على ما عمل عليه الصحابة، وجد ذلك في الكتاب أو السنة أو لم يوجد، لكونه اتباعاً لسنة ثبتت عندهم لم تنقل إلينا، أو اجتهاداً مجتمعاً عليه منهم أو من خلفائهم.

قال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله (في فضل علم السلف على الخلف): "فأما ما اتفق السلف على تركه فلا يجوز العمل به لأنهم ما تركوه إلا على علم أنه لايُعمل به، قال أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز - رضى الله عنه - خذوا من الرأي ما يوافق من كان قبلكم فإنهم كانوا أعلم منكم ... ".

الشبهة التاسعة: أن مسألة الغناء راجعة لنية العبد:

وقال ابن حزم في المحلى (9/ 60):"أن رسول الله صلى الله عليهوسلم قال (إنما الأعمال بالنيات ولكل امرىء ما نوى) فمن نوى استماعالغناء عونا على معصية الله تعالى فهو فاسق، وكذلك كل شىء غير الغناء، ومن نوى به ترويح نفسه ليقوى بذلك على طاعة الله عز وجل وينشط نفسهبذلك على البر فهو مطيع محسن وفعله هذا من الحق، ومن لم ينو طاعةولا معصية فهو لغو معفو عنه، كخروج الإنسان إلى بستانه متنزها .. وقعوده على باب داره متفرجا."

الرد على هذه الشبهة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير