تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

"وأولى هذه الأقوال بالصواب: قول من قال: نزلت هذه الآية في خاص من الناس، وقال: عنى بقوله تعالى ذكره (لا إكراه في الدين) أهل الكتابين والمجوس وكل من جاء إقراره على دينه المخالف دين الحق وأخذ الجزية منه، وأنكروا أن يكون شيء منها منسوخا، وإنما قلنا: هذا القول أولى الأقوال في ذلك بالصواب؛ لما قد دللنا عليه في كتابنا (كتاب اللطيف من البيان عن أصول الأحكام): من أن الناسخ غير كائن ناسخاً إلا ما نفى حكم المنسوخ فلم يجز اجتماعهما، فأما ما كان ظاهره العموم من الأمر والنهي وباطنه الخصوص فهو من الناسخ والمنسوخ بمعزل، وإذ كان ذلك كذلك، وكان غير مستحيل أن يقال لا إكراه لأحد ممن أخذت منه الجزية في الدين، ولم يكن في الآية دليل على أن تأويلها بخلاف ذلك، وكان المسلمون جميعا قد نقلوا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أنه أكره على الإسلام قوماً فأبى أن يقبل منهم إلا الإسلام، وحكم بقتلهم إن امتنعوا منه، وذلك كعبدة الأوثان من مشركي العرب، وكالمرتد عن دينه دين الحق إلى الكفر، ومن أشبههم، وأنه ترك إكراه آخرين على الإسلام بقبوله الجزية منه وإقراره على دينه الباطل، وذلك كأهل الكتابين ومن أشبههم، كان بينّاً بذلك أن معنى قوله (لا إكراه في الدين) إنما هو لا إكراه في الدين لأحد ممن حل قبول الجزية منه بأدائه الجزية ورضاه بحكم الإسلام".

وقال ابن حزم رحمه الله عن هذه الآية:

"لم يختلف أحد من الأمة كلها في أن هذه الآية ليست على ظاهرها؛ لأن الأمة مجمعة على إكراه المرتد عن دينه ".

الوجه الخامس: قولهم في البيان (إن الإسلام نفسه لا يصح مع الإكراه) لا يصح على إطلاقه كما سبق:

فإسلام المرتد والوثني من العرب يصح منه بالإجماع، والكافر غير الكتابي والمجوسي يصح منه عند الجمهور.

قال ابن رجب رحمه الله:

" وأما الإكراه بحق: فهو غير مانع من لزوم ما أكره عليه، فلو أكره الحربي على الإسلام فأسلم، صح إسلامه ".

الوجه السادس: قولهم (وقيم خاصة بشعب معين آثرها واختارها فنحن لا نكرهه على تركها، ذلك أن ديننا علمنا أن لا إكراه في الدين)، وقولهم (وتبني الدولة للدين الإسلامي ليس معناه التدخل في خصوصيات الأقليات)، لا يصح أيضاً:

وذلك أن الكفار الذين يقرون على دينهم في بلاد الإسلام يلزمون بأحكام (أهل الذمة) وهي أحكام معروفة في كتب الفقه وأجمع عليها الصحابة ومن بعدهم من أهل العلم في الجملة – كما سيأتي إن شاء الله في الدليل الأخير من المبحث الثاني – ومن أحكام أهل الذمة التدخل في خصوصيات الأقليات، والإجبار على ترك بعض القيم، فمن الشروط العمرية المشهورة عليهم: (ولا نبيع الخمور، وأن نجز مقادم رءوسنا، وأن نلزم زينا حيثما كان، وأن نشد الزنانير على أوساطنا، وأن لا نظهر الصليب على كنائسنا، ولا نظهر صليبا، ولا كتبا من كتب ديننا في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم، ولا نضرب بنواقيسنا في كنائسنا إلا ضربا خفيفا، ولا نرفع أصواتنا مع موتانا، ولا نظهر النيران معهم في شيء من طرق المسلمين) وغيرها مما سيأتي إن شاء الله تعالى.

الوجه السابع: قولهم (الأقليات) يدخل فيه كل مخالف للأكثرية على مصطلح الأمريكان، فيدخل في الأقلية عندهم: الروافض والإسماعيلية والنصيرية والدروز والبهائية والقاديانية وغيرهم من المشركين والزنادقة، وهؤلاء لا يقرون أبداً على دينهم ولو بالجزية بالإجماع.

الوجه الثامن: قولهم (فقد استقر في وعي المسلم وعُلِمَ من صريح آيات القرآن أن لا إكراه في الدين).

قلت: وهي آية واحدة فحسب، وليست على ظاهرها بإجماع المسلمين كما سبق، فأين الآيات الصريحة الأخرى؟!.

الوجه التاسع: وهو أن هذه الآية يكثر العصرانيون الاستدلال بها ليبينوا للكفار أنهم مع (الحرية الاعتقادية)، ويجعلونها أساساً من أسس الدين! كما قال شيخهم:

" فلم يشرع القتال ليجبر الإنسان أو يكرهه على الدخول في الدين أو تغيير دينه، والفتوحات لم تكن لإكراه الناس للدخول في الدين، لو دخل إنسان في دين الإسلام مكرهاً لاعتبر إسلامه باطلاً، لأن الإسلام يعتبر الإيمان قضية اختيارية اقتناعية، ويقول بصراحة (لا إكراه في الدين، قد تبّين الرشد من الغي) "

ختاماً: هذا مانقلته هو ماكتبه أحد طلبة العلم رداً على بيان خرج في وقته وتصدى له فما أشبه اليوم

فجزاه الله عن الإسلام خير الجزاء

أسال الله لنا ولكم الهداية والسداد في القول والعمل وأسال الله أن يجعلنا هدة مهتدين لا ضالين

ولا مضلين

وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه أجمعين.

ـ[إبراهيم محمد عبد الله الحسني]ــــــــ[29 - 07 - 10, 04:51 م]ـ

أخي الكريم: فيصل الحربي.

لقد أسمعْتَ لو ناديْتَ حيّاً ... ولكن لا حياة لمن تنادِي

وفقك الله للنصح للإسلام والمسلمين.

اخي الكريم: إن الشبه التي تثار ضد الإسلام لو لم يجدوا لها بعض أهل العلم لما انطلت على كثير من طلاب العلم فضلا عن العوام؛ وهذا تاريخ المسلمين مليء بالتجارب المماثلة.

أسأل الله تعالى أن يهدينا لما اختلف فيه من الحق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير