تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقول الإمام أحمد رحمه الله تعالى محمول على استحباب تبيين حاله إذا كان يعلم أنه عقيم في ابتداء النِّكاح, أما إذا انعقد النِّكاح فلا يكون العقم عيباً يفسخ به النِّكاح. وهو ما فهمه الموفق ابن قدامة من كلام الإمام رحمه الله تعالى وعبَّر عنه بقوله: وأحب أحمد أن يتبين أمره, وقال: عسى امرأته تريد الولد". ثم قال ابن قدامة (10): "وهذا في ابتداء النِّكاح, فأما في الفسخ فلا يثبت به, ولو ثبت بذلك لثبت في الآيسة, ولأن ذلك لا يُعلم, فإن رجالاً لا يولد لأحدهم وهو شابٌ, ثم يولد له وهو شيخ, ولا يتحقق ذلك منهما".

وقال الشَّيخ عطية صقر رحمه الله: "لقد تحدث الفقهاء عن العيوب التي تعطى الزوج الحق في فسخ النِّكاح ومنها البرص والجذام والجنون والرتق - أي انسداد مدخل الذكر من الفرج -والقرن شيء يبرز في الفرج كقرن الشاة أو غدة تمنع المخالطة. وقال بذلك الأئمة الثلاثة دون أبى حنيفة. واتفق الفقهاء على أنَّ عقم المرأة وعدم إنجابها ليس عيباً فيها يمنع استمتاع الزوج بها، فليس له خيار الفسخ لأن الإنجاب يرجع إلى إرادة الله سبحانه. ومن هنا لا ينفسخ العقد بظهور عدم إنجاب الزوجة. ولكن له الحق في طلاقها وتترتب أحكام الطلاق في هذه الحالة، كأية حالة أخرى، فما دام الزوج قد دخل بها فلو طلقها كان لها مؤخر الصداق، ونفقة العدة وليس له أن يلزمها بإبرائه أو التنازل عن شيء من حقوقها إلا إذا طلبت هي الطلاق فيمكن التفاهم على ما تتنازل عنه، وهذا ما يجرى عليه العمل في المحاكم المصرية طبقا للقانون رقم 78 لسنة 1931 م. وإذا ظهر أن بالزوج عيبا يمنع الإنجاب. كأن كان مجبوباً -أي مقطوع الذكر-أو عنيناً - أي غير قادر على الجماع لضعف خِلقي أو كبر السنِّ مثلاً-أو خصياً-أي مقطوع الخصيتين -فللزوجة أن ترفع الأمر إلى القضاء لطلب التفريق بينه وبينها، وإذا ثبت ذلك عند القاضي بأي طريق من طرق الإثبات أمر الزوج بتطليقها، فإن لم يطلقها ناب عنه القاضي في تطليقها منعا للضرر الذي يلحقها -وهذا الطلاق يكون بائناً بينونةً صغرى. لكنَّ التفريق مشروط بعدم علمها بحالته قبل الزواج، وبألا يوجد منها ما يفيد رضاها بالمكث معه بعد الزواج والعلم بحاله. والتفريق بسبب الجب في الحال لا يحتاج إلى ضرب أجل، وبسبب العنة يمهل الزوج سنة لعله يقوى بالعلاج أو بغيره على الجماع،وبسبب الخصاء يمهل الزوج سنة. والتفريق بسبب الجب والعنة والخصاء يعتبر طلاقا عند الحنفية والمالكية وأكثر العلماء. هذا وإذا فرق بين الزوجة وزوجها العنين أو الخصي وكان قد خلا بها، فإنها تستحق جميع المهر، لأنها خلوة صحيحة وعليها العدة للاحتياط، وإذا كان مجبوباً وخلا بزوجته ثم فرق بينهما كان لها جميع المهر أيضا عند أبى حنيفة، ولها نصفه عند أبى يوسف ومحمد صاحبيه، وعليها العدة باتفاق الجميع بذلك للاحتياط. "الأحوال الشخصية للشيخ عبد الرحمن تاج ص 347 - 350 ") (11).

خلاصة الكلام على مسألة الفرقة بسبب عدم الإنجاب:

أنَّ أهل العلم اختلفوا هل يفرق بعيب العقم أم لا؟ فذهب بعض أهل العلم أن الإنسان مخير في هذا بين طلب الفرقة لأن ذلك عيب, ولأن حبَّ الولد مركوز في الفِطَر. وذهب جمهور أهل العلم وهو الأكثر أن لا خيار في ذلك, وهو قول قوي. خاصة وأن الإنسان قد يمنع الولد فترة ثم يرزقه الله عز وجل فليس هناك قطع بالعقم إلا إذا جزم الأطباء وذوي الاختصاص بذلك. أما عن مسألة الأولاد فإن الله عز وجل قد فتح أمامه الوسائل الطبية الجائزة كطلب العلاج فإن الله عز وجل ما أنزل داءً إلا أنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله.

وأيضاً من الحلول مسألة التعدد فإن الله تعالى أباح له ذلك وأذن فيه, فلا داعي حينئذ لطلب الفرقة أو التطليق وهذا إذا ما كانت المرأة لا تنجب, أما في حال كون الرجل لا ينجب فإن المرأة تُخير وذلك إذا كانت متضررة بعدم الولد وأنها تأمل أن يأتيها الولد بالتزوج من غيره فلها أن تطلب الطلاق والحال هذه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير