تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال عطاء: أدركتهم يصلون في رمضان عشرون ركعة والوتر ثلاث ركعات.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (22/ 272): "قيام رمضان لم يوقت النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه عددًا معينًا، بل كان لا يزيد هو -صلى الله عليه وسلم- عن ثلاثة عشر ركعة، لكن كان يطيل الركعات؛ فلما جمعهم عمر -رضي الله عنه- على أبي بن كعب -رضي الله عنه- كان يصلي بهم عشرين ثم يوتر بثلاث، وكان يخفف القراءة بقدر ما زاد في عدد الركعات، وكان طائفة من السلف يقومون بأربعين، وآخرون بست وثلاثين، وهذا كله سائغ.

فكيفما قام في رمضان من هذه الوجوه فقد أحسن، والأفضل يختلف باختلاف أحوال المصلين، فإن كان منهم احتمال لطول القيام فالقيام بعشر وثلاث هو الأفضل، وإن كانوا لا يحتملونه فالقيام بعشرين هو الأفضل، وهو الذي يعمل به أكثر المسلمين".

وقد لخص شيخ الإسلام مذاهب العلماء، قال -رحمه الله- في مجموع الفتاوى (23/ 112، 113، 120): تنازع العلماء في مقدار القيام في رمضان، فإنه ثبت أن أبي بن كعب كان يقوم بالناس عشرين ركعة ويوتر بثلاث؛ فرأى كثير من العلماء أن ذلك هو السنة؛ لأنه أقامه بين المهاجرين والأنصار ولم ينكره منكر، واستحب آخرون تسعة وثلاثين ركعة بناء على أنه عمل أهل المدينة القديم.

وقالت طائفة: فقد ثبت في الصحيح عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يزيد في رمضان، واضطرب قوم في هذا الأصل لما ظنوه من معارضة الحديث الصحيح لما ثبت من سنة الخلفاء الراشدين وعمل المسلمين.

والصواب: أن ذلك جميعه حسن كما قد نص على ذلك الإمام أحمد، وأنه لا يتوقف في قيام رمضان عدد؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يوقت فيها عددًا، وحينئذ فيكون تكثير الركعات وتقليلها بحسب طول القيام وقصره، وأبي بن كعب -رضي الله عنه- كثر الركعات؛ ليكون ذلك عوضًا عن طول القيام، وقد قال قوم بكراهة التعقيب في رمضان.

والتعقيب كما قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: هو أن يصلي بعد التراويح نافلة أخرى جماعة أو يصلي التراويح في جماعة أخرى.

نقل محمد بن نصر في قيام الليل عن الحسن وقتادة أنهما كانا يكرهان التعقيب في رمضان، وعن سعيد بن جبير أنه كره التعقيب في رمضان، ولكن جاء عن أنس -رضي الله عنه- أنه كان لا يرى به بأسًا، وقال: "إنما يرجعون إلى خير يرجونه، ويفرون من شر يخافونه".

وجاء في المغني عن أحمد: أنه لا بأس به، ونقل محمد بن الحكم عنه الكراهة إلا أنه قول قديم، أو أحمد كره التعقيب الذي يقول فيه المؤذن: "حي على الصلاة، حي على الفلاح".

وتلك نقول أهل العلم والسادة الأئمة -رضوان الله عليهم- المستنبطة من الأحاديث وأفعال الصحابة -رضوان الله عليهم- تدل على جواز الزيادة على ثلاث عشرة ركعة، وجواز الاجتماع على صلاة بعد التراويح وجواز التنفل بعد الوتر؛ ولذا فينبغي الحرص على الصلاة مع الإمام حتى ينصرف وذلك يكون من إدراك تكبيرة الإحرام في صلاة العشاء حتى صلاة الوتر، ثم الزيادة بعد الوتر مثنى مثنى لمن أراد.

وليعلم العبد أن العمر ينقضي، وأن الفرص قد لا تتكرر؛ فلا أقل من أن ينفق الإنسان في رمضان ستين ساعة مع الإمام حتى يكتب له قيام الليل، ويحاول الزيادة حتى يكتب من المقنطرين الذين يأخذون أجرهم بالقنطار يوم القيامة؛ وهو ما دفع ابن حجر -رحمه الله- إلى عدِّ آي المصحف فقال: "من قوله -تعالى-: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) إلى آخر المصحف ألف آية".

هذا والله الموفق إلى حسن العمل وحسن الأجر، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

www.salafvoice.com

موقع صوت السلف

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير