تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقَالَ النَّوَوِي في شرحه على صحيح مسلم (16/ 68) ّ: "جاءتْ امرأةٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخلا بها هذه المرأةُ إمَّا محرمٌ له كأُمّ سُلَيْم وأختها، وإما المراد بالخلوة أنها سألته سؤالا خفيا بحضرة ناس ولم تكن خلوة مطلقة وهي الخلوة المنهي عنها، والجوابُ الثاني هو المتعينُ كما يدلُ على ذلكَ سياق الحديث، وقال أيضا: خَلا معها في بعضِ الطرق: أي وَقَفَ مَعَها في طريق مسلوك ليقضي حاجتها ويفتيها في الخلوة ولم يكن ذلك من الخلوة بالأجنبية فإنَّ هذا كان في ممر الناس ومشاهدتهم إياه وإياها، لكن لا يسمعون كلامها لأنَّ مسألتها مما لا يظهره، والله أعلم".

الدليل السادس عشر:وعن عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا، وقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي ... الحديث».

قلت أي الدكتور: أخرجه البخاري، وفيه جواز الاختلاط، وجواز دخول الرجل على المرأة إذا كان زوجها معه.

الرد على هذا الدليل:

قلت: وهل يلزم من الدخول الاختلاط؟، لأن مقصود النبي عليه الصلاة والسلام من الدخول هو دخول البيت وليس مجالسة من بالبيت لأن ذلك يحتاج الى دليل أن عائشة كانت تجلس مع ضيوف النبي عليه الصلاة والسلام.

الدليل السابع عشر:وعن عبد الله بن عمرو بن العاص: أن نفرا من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس، فدخل أبو بكر الصديق، وهي تحته يومئذ، فرآهم، فكره ذلك، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: لم أر إلا خيرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله قد برأها من ذلك). ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، فقال: (لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان).

قلت أي الدكتور: أخرجه مسلم والنسائي وابن حبان، وفيه جواز الاختلاط، كما يفيده الحديث، والمغيبة هي ذات الزوج التي غاب عنها زوجها.

الرد على هذا الدليل:

قال القرطبي في المفهم (5/ 502):" كان هذا الدخول في غيبة أبي بكر - رضي الله عنه - لكنه كان في الحضر لا في السفر، وكان على وجه ما يعرف من أهل الخير والصلاح، مع ما كانوا عليه قبل الإسلام مما تقتضيه مكارم الأخلاق من نفي التهمة والريب، غير أن أبا بكر - رضي الله عنه - أنكر ذلك بمقتضى الغيرة الجبلية، والدينية .. ولما ذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - قال ما يعلمه من حال الداخلين والمدخول لها - قال: لم أر إلا خيرا، يعني: على الفريقين، فإنه علم أعيان الجميع؛ لأنهم كانوا من مسلمي بني هاشم، ثم خص أسماء بالشهادة لها فقال:" إن الله قد برأها من ذلك" أي: مما وقع في نفس أبي بكر، فكان ذلك فضيلة عظيمة من أعظم فضائلها .. ومع ذلك فلم يكتف بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جمع الناس، وصعد المنبر، فنهاهم عن ذلك، وعلمهم ما يجوز منه فقال:"لا يدخلن رجل على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان"، سدا لذريعة الخلوة، ودفعا لما يؤدي إلى التهمة، وإنما اقتصر على ذكر الرجل والرجلين لصلاحية أولئك القوم؛ لأن التهمة كانت ترتفع بذلك القدر، فأما اليوم فلا يكتفى بذلك القدر، بل بالجماعة الكثيرة لعموم المفاسد، وخبث المقاصد، ورحم الله مالكا لقد بالغ في هذا الباب ... ".

قال الشيخ عبد الله السعد-وفقه الله-:"لعل السبب في دخولهم عليها-والعلم عند الله عز وجل- أنها كانت زوجا لجعفر بن أبي طالب حتى استشهد، فلعل هؤلاء النفر من بني هاشم أقارب لجعفر أرادوا صلة أولاد جعفر من أجل قرابتهم لجعفر، وعلاقة أسماء بنت عميس ببني هاشم وثيقة فقد كانت أخت ميمونة بنت الحارث - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمها، وأخت لبابة أم الفضل زوج العباس بن عبد المطلب لأمها أيضا، وقد جاء في خبر مرسل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - زوج أبا بكر - رضي الله عنه - أسماء بنت عميس يوم حنين، وقد تزوجها علي - رضي الله عنه - بعد أبي بكر، وهذا كله يدل على علاقة أسماء بنت عميس ببني هاشم، ومع هذه العلاقة الوثيقة أنكر أبو بكر - رضي الله عنه - دخولهم وأخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - فخطب الناس".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير