تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: أولا: أما في المساجد والطرقات، فلم يكن فيها اختلاط بين الرجال والنساء بالصورة التي يريدها هذا الدكتور وأئمته من دعاة الاختلاط، لأن الرجال كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته يُصَلُّون في مقدمة المسجد والنساء في مؤخرته مع عنايتهن بالحجاب والتحفظ من كل ما يثير الفتنة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يذهب إليهن في يوم العيد بعدما يعظ الرجال فيعظهن ويذكرهن لبعدهن عن سماع خطبته، فعن عبد الرحمن بن عابس أنه قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما قيل له: "أشهدت العيد مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، ولولا مكاني من الصغر ما شهدتُه، حتى أتى العَلَم الذي عند دار كثير ابن الصامت فصلى ثم خطب، ثم أتى النساء ومعه بلال فوعظهن وذكَّرهن وأمرهن بالصدقة" (رواه الإمام البخاري في صحيحه في كتاب (العيدين)، الباب (18)، الحديث رقم (977) ج2/ ص465.).

قال الحافظ ابن حجر: "قوله: (ثم أتى النساء) يُشعر بأن النساء كن على حدة من الرجال غير مختلطات بهم، وقوله (ومعه بلال) فيه أن الأدب في مخاطبة النساء في الموعظة أو الحكم أن لا يحضر من الرجال إلا من تدعو الحاجة إليه من شاهد ونحوه، لأن بلالاً كان خادم النبي صلى الله عليه وسلم ومتولي قبض الصدقة، وأما ابن عباس فقد تقدم أن ذلك اغتفر له بسبب صغره" (فتح الباري ج2/ ص 466.).

ولم يقتصر منع الاختلاط بين الرجال والنساء على الجمع الكثير فحسب، بل تناول ذلك المرأة الواحدة إذا صلت مع الرجال، فعن أنس رضي الله عنه أنه قال: "صلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أم سليم، فقمتُ ويتيم خلفه، وأم سليم خلفنا" (رواه الإمام البخاري في صحيحه في كتاب (الأذان)، الباب (164)، الحديث رقم (871)، ج2/ ص351.).

ثانيا:أما قوله (التوسع بقاعدة سد الذرائع) فليعلم هذا الرجل أن سد الذرائع إن كان ذلك الفعل يؤدي الى محرم غالبا، فإنه يجب العمل بهذه القاعدة عند جمهور العلماء، وأنا اسأل هذا المسكين لو عملت معه امرأه، مكتبه ملاصق بمكتبها ولا يوجد في تلك الغرفة سواهما لأن الغرفة لا تحتمل أكثر من اثنين، ألن يكون هناك نوع من الأريحية في التعامل بينهما؟ ألن يكون هناك بعض الضحكات في بعض المواقف؟ ألن يكون هناك بعض الأحاديث الخاصة بينهما؟ والله إن كل ذلك ليقع ولن يزايد على هذا الا فاسق ماجن، وانظر أخي القارئ هذه الأمور في بلاد الكفر، وأفلامهم خير شاهد على واقعهم، فلا أعلم ماذا يريد هذا الرجل، وأنا أخجل أن أناديه دكتور فهو والله لا يستحق هذا اللقب. نسأل السلامة والعافية.

ثم إن واقع الصحابة رضي الله عنهم معروف عند صغار طلاب العلم بالعفة والطهر والحياء، وأنت والله لا تعرف عن حياتهم شيئا طالما أنك تصفهم بالاختلاط والأريحية في التعامل بين الرجال والنساء وتفتري عليهم افتراءاتك التي هم منها براء. والله المستعان.

قال الدكتور أحمد: أما القول بالتحريم لفساد الزمان، فمردود بقوله تعالى: (قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السموات وما في الأرض والله بكل شيء عليم) وبقوله تعالى: (قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون)، فالحذر الحذر من المزايدة في هذا، فإن الله لا تخفى عليه خافية، وذلك ابتداع وضلال، والواجب أن يسلم المؤمنون لأحكام الله ورسوله عليه الصلاة والسلام ولا يقدموا بين يدي الله ورسوله.

ومن المقطوع به أن الشريعة قد أتمها الله وبلغها رسوله عليه الصلاة والسلام كاملة، فيجب أن نؤمن بذلك ونؤمن بأنها صالحة لكل أحد ولكل زمان ولكل مكان، وإنما الواجب الحقيقي على الولاة والعلماء والدعاة والمربين تربية الناس بأحكام الشرع هذه؛ تعبدا لله وطلبا لمرضاته، فهذه هي التقوى الحقيقية، وذلك هو الأمان الحقيقي من الفساد وليس الغلو والتشدد أمرا صحيحا لمنع الفساد بين الجنسين.

أما من حرص على الأكمل من الجنسين احتياطا وورعا واختار لنفسه ما يصلح لها دون إلزام للآخرين به فهذا له، لكن الذي يجب أن يعلم أن التقوى شيء، والفتوى شيء آخر، والملاحظ هنا أن كثيرا من الناس إذا تربى على عوائد معينة ودار في فلكها صعب عليه الخروج من دائرتها الضيقة، وتأول النصوص لأجلها، وجهل الآخرين، وصادر اجتهاداتهم، وقدح في نياتهم، وسفه عقولهم، وهذه من أسوأ صور التقليد والانغلاق.

أما من عجزت نفسه عن العمل بأحكام الله، أو انقطع عقله عن فهم مقاصدها وحكمها، فلا نملك له أكثر من الدعاء له بالتوفيق والهداية ولعل بعضهم يصدق عليه قول الشاعر:

وليس يصح في الأذهان شيء __إذا أحتاج النهار إلى د ليل.

مناقشته:

قلت: أخي القارئ الكريم أريدك أن تقرأ بحثه جيدا (الغريب أن اسمه بحثا) وترا هل ذكر أحدا من الفقهاء عندما يقرر مذهبه؟ أو أنه يستدل ويوجه الدليل من تلقاء نفسه؟ وإن ذكر بعض العلماء فإنه يذكرهم على استحياء، لله درك ياشيخ الاسلام!!!!!!!!!!!!!!

الخاتمة:

بعد هذا الرد على مقال الدكتور أحمد وبحثه الذي يدعيه، والذي اتضح بعد ما قرأت أخي الكريم أنه هش ولا يرتكز على أقوال العلماء بل غالب ما يذكره إما من استنتاجه الضعيف أو اخذه من كلام غيره دون عزوه،ولا يذكر كلاما للعلماء الا على استحياء.

وقد اتضح أن بضاعته في العلم الشرعي ضحلة لا تؤهله لبحث مثل هذه المسائل.

على كل حال فالاختلاط الذي حررناه هو الممنوع وهو الذي لا يجوز لأنه ذرينة للفتنة والفتنة موجودة فيه غالبا، وهو ما عليه عامة العلماء.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتبه العبد الفقير

خالد بن حمد بن ابراهيم الراضي

28/ 9/1431هـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير