تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأوثان - أغلبيا) وإما أن يقول إن ما هو فيه مفهوم مخالفة وليس مفهوم

موافقة)) انتهى كلام بعض الناس.

قلت: سبحان الله، كأن هذا البعض من الناس لم يرد أن يترك شيئاً في علم الأصول على حاله، من وجوه:

أولاً: قيد الأغلبية فائدة في محل النطق تبطل العمل بمفهوم المخالفة. فكيف يصح الربط بين الأغلبية ومفهوم المخالفة بمثل هذه العبارات التي يحقق الترابط إلى درجة الشرط " وإنما هو ـ قيد الأغلبية ـ في مفهوم المخالفة " وقوله " فإما أن يلغي هذا المعنى (كون - يدعون أهل

الأوثان - أغلبيا) وإما أن يقول إن ما هو فيه مفهوم مخالفة وليس مفهوم

موافقة "

فهذا كما ترى كالجمع من بعض الناس بين النقيضين.

ثانياً: قوله " ولم يشترط أحد من أهل العلم في الأصول قيد الأغلبية في مفهوم الموافقة ".

قلت: سبحان الله، وما المانع؟ ومن أين هذا الحصر؟ وما وجه الدلالة عليه؟

ونحن إن شاء الله نبطله من وجوه:

* فقيد الأغلبية طعن في دليل الخطاب الذي هو مفهوم المخالفة، فأي مانع أن تكون دلالة النص والشأن هكذا ـ بطلان مفهوم المخالفة ـ من باب مفهوم الموافقة.

* وإذا كان لقيد الأغلبية فائدة في محل النطق، وقيد الموافقة فائدة في محل السكوت فأي مانع يمنع من اجتماع الفائدتين؟.

* وأين التضاد والتنافي بين الأغلبية وغيرها من الفوائد في محل النطق، وبين الأولوية في محل السكوت، فالشيء قد يكون أغلب ولا يكون أولى.

فخشية الإملاق أغلب، وأمن الإملاق أولى.

والتأفيف أغلب على العقوق من الضرب، والضرب أولى.

ولهذا أمثلة كثيرة.

وبكل حال ففي صحة تمثيل أهل الأصول بالآية ((ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق)) على كل من مفهوم الموافقة، والشرط الأغلبي المانع من مفهوم المخالفة ما يدل على عدم التضاد والتنافي التي قام عليها طعن هذا البعض من الناس.

فكلام هذا البعض من الناس خلط وخبط، وأحتفظ بحقي في وصف أنسب لكلامه من هذا في غير هذا المكان.

مسألة

قال تعالى ((ومن قتل منكم مؤمناً خطئاً فتحرير رقبة مؤمنة)).

تقدم كلام الجويني أن هذا من باب الأولوية في المسكوت من طريق الظن لا القطع

فالشافعي الذي يقول بإيجاب الكفارة على العامد يبني كلامه على معنيين:

الأول: إن قضية الكلام بطلان العمل بمفهوم المخالفة وهو نفي الكفارة عن العامد؛ باعتبار أن في ذكر الخطأ فائدة وهو دفع توهم العفو عن القتل الخطأ، اعتباراً بالحديث ((رفع عن أمتي الخطأ .. الحديث)).

ومفهوم المخالفة يسقط بأدنى فائدة في محل النطق؛ لأن قضية القول به أنه لا فائدة في محل النطق غير نفي الحكم عن محل السكوت كما قد تقدم.

الثاني: إن العمد أعلى في المناسبة من الخطأ، وهو أولى منه بالحكم.

فهذا مثال أخرت فيها الفائدة في محل النطق، الأولوية في محل السكوت عن مرتبة القطع إلى مرتبة الظن. يعني عند الفقيه الشافعي.

وقد افتتحنا الكلام بأن الدلالة ثنتان دلالة باللفظ، ودلالة اللفظ، وبينهما من حيث الجملة فروق من أهمها ما قال ابن النجار: " الرابع: ما كان من جهة الوجود: فكلما وجدت دلالة اللفظ وجدت الدلالة باللفظ، بخلاف العكس " (26).

فالأولوية في محل السكوت من دلالة اللفظ ـ موافقة ـ فلابد أن تكون حاصلة عن دلالة باللفظ، ويلزم منها وجود فوائد في محل النطق غير مفهوم المخالفة، كالأغلبية، والتفخيم وغير ذلك مما سيأتي. فلا تضاد ولا تنافي.

أما الفائدة في محل النطق فحاصلة عن الدلالة باللفظ، ولا يلزم منها وجود دلالة اللفظ ـ موافقة كانت أو مخالفة ـ أقول لا يلزم.

لذلك فالأولوية في محل النطق قد تسقط المفهوم جملة.

وأظنها فائدة حسنة.

والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

يتبع إن شاء الله.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(ا) أصل العلاقة بين اللفظ ومعناه تطلب من ثلاثة وجوه:

الأول: المطابقة: وهي مطابقة الدال للمدلول، وهي دلالة اللفظ على مسماه. كدلالة لفظ البيت على مجموعه من السقف والجدار والأساس. ويدخل فيها دلالة اللفظ على جزء المسمى من طريق الاشتراك كدلالة لفظ القرء على الحيض والطهر معاً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير