وأما الجمهور فيقيسون عليها ما شاركها في العلة والذي يهمنا هنا الذهب والفضة فما هي العلة فيهما؟ اختلف في العلة هنا على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن العلة هي الوزن مع اتفاق الجنس في ربا الفضل والوزن فقط في ربا النسيئة وهو قول الحنفية ورواية عن أحمد وبه قال الثوري والأوزاعي والنخعي وإسحاق.
القول الثاني: ان العلة هي الثمنية الغالبة وهي قاصرة على الذهب والفضة ولا تتعدى إلى غيرهما وهو مذهب الشافعي والمشهور عن مالك ورواية عن أحمد وهو قول أبي ثور.
القول الثالث: أن العلة هي الثمنية مطلقا وهو قول في مذهب مالك ورواية عن أحمد وهو قول محمد بن الحسن من الحنفية واختاره ابن العربي من المالكية.
بعد ان عرفنا الأقوال في التعليل وأن هناك من حصرها بالذهب والفضة إما لعدم التعدية وإما لكون العلة الثمنية الغالبة، وهناك من عداها إلى ما سوى النقدين وأجراها في (الفلوس) وهي (قطع من النحاس او الصفر ونحوهما من المعادن المسكوكة التي يتعامل بها في المحقرات) بقي مسألة أخرى:
وهي هل النقود الورقية تعتبر من (الفلوس) أو لا؟ اختلف في هذا على أقوال:
القول الأول: أن الأوراق النقدية عروض تجارة.
القول الثاني: أن الأوراق النقدية سند دين.
القول الثالث: أن الأوراق النقدية فلوس.
القول الرابع: أن الأوراق النقدية بدل عن النقدين نظرا للقصد ..
القول الخامس: أن الأوراق النقدية مستند ودائع.
القول السادس: ان الأوراق النقدية نقد مستقل بذاته.
إذا علم ما سبق فيترتب على القول بانها عروض تجارة أنه لا يجري فيها الربا ولا تجب فيها الزكاة إلا إذا نوي فيها التجارة.
ويترتب على القول بانها فلوس الخلاف السابق في جريان الربا في غير النقدين أي في الفلوس.
ويترتب على القول بأنها بدل عن النقدين او انها نقد مستقل بذاته أنه يجري فيها الربا وتجب فيها الزكاة.
وأما القول بأنها سند دين فحكمها حكم الديون وكذا القول بانها مستند ودائع حكمها حكم الودائع.
بعد هذا الكلام المختصر حول الأقوال يتبين أن الظاهرية لم ينفردوا بالقول بأن الأوراق النقدية لا يجري فيها الربا بل قال به غيرهم من الفقهاء المتقدمين والمعاصرين، والشيخ السعدي رحمه الله ممن يرى جواز التفاضل فيها حاضرا لا نسيئة ويوجب فيها الزكاة، وله نص آخر فهم منه البعض أنه يجعلها كالذهب والفضة مطلقا لكن الصواب انه يجيز التفاضل حاضرا ويمنعه نسيئة.
ينظر الفتاوى السعدية (ص 306، 313)
ـ[أبو إلياس الوحسيني]ــــــــ[21 - 07 - 07, 07:52 م]ـ
الحمد لله
بوركت ايها الاخ الفاضل
ولكن لي تعقيب يسير .... وهو ان فهم الظاهرية لمفهوم (اللسان العربي) مختزل في مفهوم
(اللفظ العربي) ... وهذا لم يكن فهم الصحابة ابدا للسانهم ...
فقولك أخي الفاضل (ولو صح فهو من المعاريض على سبيل المزاح.) وقولك في الحديث
الآخر (وهو أيضا من المعاريض والتي أراد النبي فيها المزاح.) ... ليس موضع البحث .... و انما
موضع الشاهد هو ان فهم الظاهرية للسان العربي الذي نزل به القرآن ليس فهم أهل اللسان
أنفسهم للسانه ... و انت و لاشك تفهم قصدي جيدا ...
وخذ على سبيل المثال حديث عدي نفسه من وجه آخر ....
الظاهرية يصرون على الجمود على الظاهر بلا تعليل .... والاية نفسها فيها ذكر الخيط .... وعدي
رضي الله عنه أخذ عقالا و لم يأخذ خيطا ..... وشتان ما بين العقال وهو الحبل الذي تربط به
البعران وبين الخيط الذي تخاط به الثياب ...... و لاتقل لي - أخي الفاضل أعزك الله - أن الظاهرية
ليسوا بظاهريين الى هذا الحد .... فأنت ترى ما ألزم به العلماء الظاهرية في آية الاف و في
مسألة البول في الماء الراكد ..... فأنت - ولاشك - ترى الجمود على اللفظ الى الحد الذي لم
يجمد به العرب انفسهم على الظواهر .... واذكر مسألة العقال و الخيط التي ذكرت لك.
نعم أنا أتفق معك أن الظاهر هو الاصل و لا يجوز الاستخفاف بالظواهر و التساهل في التمسك
بها لكن لا نهمل النظر في مقاصد الشريعة ايضا ... والا فسننسب الى الشريعة المعصومة
التناقضات المضحكة ... حيث تنهى عن قليل من الشر و تبيح كثيره ... واذكر قوله تعالى
ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا.
المسألة الثانية
حديث أحسبه ان شاء الله صحيحا وهو
قال صلى الله عليه وسلم " درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم، أشد عند الله من ستة وثلاثين زنيه " [أخرجه أحمد في مسنده والطبراني في الكبير عن عبد الله بن حنظلة وصححه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الجامع]
أتمنى ان تتاكد منه أخي الكريم .... وانا لا ازال احسبه صحيحا ...
فان كان كذلك .... فهو نص في المسألة
وان كان موقوفا فالذي اعلمه ان مذهب الصحابي اذا قال ما لا يقال بالرأي فهو في
حكم المرفوع .. وهنا لفظة (عند الله) و (ست و ثلاثين زنية) بهذا العدد ....
ارجو ان تفيدني ... خصوصا و ان الدرهم مذكور وهو موضوعنا.
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك اخي الحبيب ابا حازم.
¥