فالمسائل التي لم يختلف فيها المسلمون ـ التي بعضها مستندها الكتاب والسنة، وبعضها الكتاب فقط، وبعضها السنة فقط، وبعضها القياس ـ هي عند الأصوليين من النوع القطعي، الذي قلتَ عنه: ليس له وجود .... فأرجو أن تبين لنا ماذا تقصد بهذا النفي، فأنا لا أفهم منه إلا عدم حجية الإجماع! والله أعلم.
ثالثاً: أسألك سؤالاً: هل تحتج بإجماع الصحابة؟
لأن ظاهر كلامك التعميم، وظاهره كذلك أن الحجة في النص، فإن كانت الحجة في النص فقط، فإجماع الصحابة كإجماع غيرهم.
رابعاً: نحن نقول: إن انعقاد الإجماع ممكن، لكن حكايته أصعب من انعقاده.
لكن هل ترى امكانية انعقاده أو لا؟
استدللت ـ بارك الله فيك ـ بقول الإمام الشافعي، وقول الإمام أحمد ـ وكل من ينكر الإجماع فإنه يستدل بقوليهما ـ لكن ألا تعلم أنهما ممن يحتجا بالإجماع القطعي عند الأصوليين إذا توفرت شروطه؟
وسار على نهجهم الفقهاء والأصوليون.
خامساً: قولك: (ومما قيل في الإجماع من فوائد: سقوط البحث عن دليله.
وهذا غير صحيح لأن منزلة الإجماع تكون بعد النصوص وإنما يصار إلى أقوال الرجال عند الجهل بالنص وعدم بلوغه ... )
هذا القول ـ أخي الفاضل ـ لا يستقيم بالمرة؛ لأن هذه الفائدة الناتجة عن إجماع العلماء فائدة عظيمة كالماء الزلال لفم العطشان!
فبه يحصل اليقين،، ولأن دليل الكتاب والسنة يدخله الاحتمال، من نسخ وتخصيص وتقييد ونحو ذلك. أما الإجماع القطعي الذي أجمع العلماء عليه فلا يتطرق ذلك إليه،، وهذا معنى قول بعض العلماء: الإجماع أقوى دليلاً من الكتاب والسنة،، وحاشاهم أن يقصدوا أن كلام البشر أقوى من كلام رب البشر!!
سادساً: قولك: (فإذا علمت حال ذينك الإجماعين ـ أي القطعي والسكوتي ـ فلا تظننّ من السلف من قال بهما بل هما بدعة محدثة من بدع المعتزلة والمتكلمين ... )
أقول:!!!!
آمل منك أخي الفاضل التأمل فيما كتبتَ، وأن تكتب ما تريد صراحةً (يعني هل تحتج بالإجماع القطعي أو لا؟)
وأنصح نفسي وإياك أن يكون الكلام في المسائل الأصولية مبنياً على التطبيق العملي للنصوص ولمناهج الأئمة دون النظر في الكتب النظرية فحسب.
أخوك المحب.
================================
والله أعلم.
ـ[أبو محمد الزياني]ــــــــ[26 - 07 - 07, 01:13 ص]ـ
أخي مهند المعتبي بارك الله فيك وجزاك الله خيراً على هذا البيان.
هل تعلم أنه لا خلاف بيني وبينك!! أنا أحتج بالإجماع، ومن أنا حتى أخالف العلماء.
كلامي هو عن تصحيح المفهوم، فالأصوليون يسرفون في التقعيد والتنظير والاشتراط، والعلماء يطبقون ما يقتنعون به. ولا مجابهة ولا جدال.
كثيرة هي المسائل نقلها الأصوليون عن المعتزلة فبعضهم نقلها وناقشها وبعضها نقلها وفسر بها كلام العلماء السابقين كالإمام الشافعي والإمام أحمد.
مثلها في التواتر والآحاد والحقيقة والمجاز، وغيرها مما لا يحضرني الآن.
ومنها أيضاً مسألتنا هذه.
فالإجماع القطعي عند الأصوليين يقابله الإجماع المعلوم من الدين بالضرورة، لأنه لا يتصور وقوع الإجماع القطعي بشروطه المذكورة في كتب الأصول إلا في المسائل المعلومة من الدين بالضرورة.
والإجماع السكوتي عند الأصوليين يقابله الإجماع الذي هو حكاية اتفاق من نقل قوله من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، لأنه لا يتصور وقوع الإجماع القطعي بشروطه المذكورة في كتب الأصول إلا بأن نحكي اتفاق من نقل قوله من سلفنا ثم نزعم أن الأمه كلها اتفقت عليه كما هو الحال في المعلوم من الدين بالضرورة.
وهذان الإجماع بعد تصحيح مفهوميهما أرى إمكانية إنعقادها ولا شك وإمكانية العلم بها، وهذا واضح لمن تأمل.
وقصدت من البحث أيضاً الرد على من ينكر العلم بوقوع الإجماع بناءً على المفهوم الأصولي ثم ينكر حجيته كما هو مذهب الشوكاني وغيره.
أنا لم آتي بشيء جديد أنا صححت المفهوم فيما أرجو وغرض هذا البحث بعد تصحيح المفهوم أن نذكر في فوائد الإجماع.
فمن فوائد الإجماع ما ذكرته أنت - بارك الله فيك -:
خامساً: قولك: (ومما قيل في الإجماع من فوائد: سقوط البحث عن دليله.
وهذا غير صحيح لأن منزلة الإجماع تكون بعد النصوص وإنما يصار إلى أقوال الرجال عند الجهل بالنص وعدم بلوغه ... )
هذا القول ـ أخي الفاضل ـ لا يستقيم بالمرة؛ لأن هذه الفائدة الناتجة عن إجماع العلماء فائدة عظيمة كالماء الزلال لفم العطشان!
فبه يحصل اليقين،، ولأن دليل الكتاب والسنة يدخله الاحتمال، من نسخ وتخصيص وتقييد ونحو ذلك. أما الإجماع القطعي الذي أجمع العلماء عليه فلا يتطرق ذلك إليه،، وهذا معنى قول بعض العلماء: الإجماع أقوى دليلاً من الكتاب والسنة،، وحاشاهم أن يقصدوا أن كلام البشر أقوى من كلام رب البشر!! , ولكن مهما كان لا يسقط البحث عن دليله.
وأما قول الشافعي رحمة الله: أمر أجمع الناس عليهلا ينبغي لك أن تحمل كلام الشافعي هذا على الإجماع القطعي لأنه أنكر العلم به في كتابه جماع العلم، فراجعه.
فأنت تعلم أن المسائل تتفاوت في العلم بالإجماع فيها:
منها المعلومة من الدين بالضرورة.
ومنها ما يكون واضحاً خصوصاً في عصر متقدم وقريب من السلف الصالح مثل عصر الشافعي،
ومنه ما يكون بعد البحث ثم لا نجد إلا بعض العلماء اتفقوا في مسألة ما ولم يختلفوا ويؤدهم حديث أو آية فنحكي الإجماع.
وهذا الكلام المختصر كتبته قبل عشر سنوات يوم كنت أدرس في الجامعة ثم بعد ذلك نسيته وها أنا أنفض الغبار عنه وأراجع معكم فبارك الله فيكم وفي أوقاتكم.
¥