تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

علماء الأصول يضعون القواعد والقوانين الأصولية، بعد الاستقراء والبحث في نصوص الكتاب والسنة والأدلة الأخرى ومراجعة اللغة العربية، وأقوال العلماء. ثم يأتي الفقيه ويستفيد من هذه القواعد في استنباط الأحكام الشرعية، بتطبيق تلك القواعد أو الأدلة الإجمالية على الأدلة التفصيلية، والأحكام التي تستنبط من الأدلة التفصيلية تسمى فقها.

فمثلا إذا قرأ الفقيه قوله تعالى: (أَقِيمُوا الصَّلاة)، استنبط منه حكما شرعيا، وهو وجوب إقامة الصلاة، فنسأله: كيف عرفت هذا الحكم؟، فإذا قال: لأنه أمر، نسأله سؤالا آخر: كيف عرفت بأن الأمر يدل على الفرضية والحتم؟ فإذا قال: هو قول علماء اللغة، فقد أخذ في هذه الحالة مهمة العالم الأصولي، لأن الأصوليين هم الذين يتتبعون مثل هذه المسائل بوضع القواعد الأصولية لها، مثل قاعدة (مطلق الأمر يدل على الوجوب) و (مطلق النهي يدل على التحريم) و (المتواتر قطعي الثبوت) و (خبر الواحد حجة ظنية) و (القياس لا يعارض النص) و (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب).

فعمل الفقيه في الآية الكريمة السابقة هو استنباط حكم جزئي يتعلق بمسألة معينة وهو وجوب الصلاة، وهذا غاية الفقهاء وهو الوصول إلى الأحكام الجزئية كوجوب هذا الشيء المعين أو حرمته أو ندبه أو كراهته.

وغاية علماء الأصول أيضا هو معرفة الحكم الشرعي لكن من جهة وضع القواعد الموصلة إلى الحكم.

فيكون عمل الفقيه هو استنباط الحكم فعلا بتطبيق ما قرره علماء الأصول للتعرف على الحكم، فلوصول الفقيه مثلا إلى حكم الزنا من قوله تعالى: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى)، فلا بد أن يبحث في هذا الدليل الجزئي أو التفصيلي، فيجد فيه النهي عن اقتراب الزنا، ففي هذه الحالة يستخدم القاعدة الأصولية التي تبين حكم النهي، وهي (النهي يدل على التحريم)، ويسمى بالدليل الإجمالي أو الكلي في مقابلة الدليل التفصيلي أو الجزئي، فيعلم بعد أن يحكم على الدليل الجزئي بما هو كلي له ويجعل ذلك مقدمة صغرى، ثم يأتي بالقاعدة الأصولية الموضوعة لذلك الكلي ويجعلها مقدمة كبرى، فيتألف بذلك قياس يشتمل على مقدمتين ونتيجة، وهي:

(لا تقربوا الزنا، نهي مطلق – وكل نهي مطلق يدل على التحريم)، وعلى رأي الحنفية كل نهي مطلق يدل على التحريم إن كان دليله قطعيا، فالنتيجة بعد حذف المكرر: (لا تقربوا الزنا يدل على التحريم).

المطلب الثالث

الأحكام الأصولية والفقهية

الحكم، لغة: بالضم، القضاء، وقولهم: لا حكم إلا لله.

أما الحكم في اصطلاح الأصوليين: فهو خطاب الله تعالى المتعلق بفعل المكلف بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع، واختار الآمدي: خطاب الشارع المفيد فائدة شرعية.

أما الحكم في اصطلاح الفقهاء: فيطلق على الصفة الشرعية التي هي اثر خطاب الله تعالى.

فالفرق يظهر جليا بين الاصطلاحين وهو: أن الحكم الشرعي عند الأولين نفس النصوص الشرعية من الآيات والأحاديث وغيرهما، وعند الفقهاء، الحكم: هو الأثر الذي تقتضيه هذه النصوص.

وينقسم الحكم إلى قسمين: حكم تكليفي وحكم وضعي.

فخطاب () الله تعالى إذا كان على سبيل الطلب عند جمهور الأصوليين يستفاد بهذا القيد أربعة أحكام أصولية تكليفية، هي: الإيجاب والندب والتحريم والكراهة.

وعند الحنفية يستفاد بقيد الطلب أحكام أصولية تكليفية، وهي: الفرض والواجب والندب والتحريم والكراهة التنزيهية أو التحريمية، وبقيد التخيير يستفاد حكم أصولي آخر هو الإباحة.

وقد فرق علماء الحنفية بين الفرض والواجب من ناحية ثبوت السند على ثبوت دليل الحكم بصورة قطعية أو ظنية.

ففي كل حكم أصولي يوجد فعل من أفعال المكلفين – فعند الجمهور في مقابل الأحكام الأصولية خمسة أحكام فقهية.

وعند الحنفية سبعة أحكام فقهية، مثلا: الإيجاب الذي هو حكم أصولي تكليفي يتعلق بفعل المكلف، فعل المكلف يسمى بالواجب، وكذلك الكراهية: حكم اصولي تكليفي يتعلق بفعل المكلف، فعل المكلف يسمى مكروها.

وهكذا في الأقسام الأخرى، ويوجد أيضا أثر يقوم بفعل المكلف، في كل فعل للمكلف، فمثلا: المفروض الذي هو فعل المكلف، يقوم به أثر يسمى بالفرض، والمندوب الذي هو فعل المكلف يقوم به أثر يسمى بالندب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير