2 – وقوله: (وأقل ما يكفي فيما أمر بغسله أن يأخذ له الماء ثم يجريه على الوجه واليدين والرجلين فإن جرى الماء بنفسه حتى أتى على جميع ذلك أجزأه وإن أمر به على يده وكان ذلك بتحريك له باليدين كان أنقى وكان أحب إلي).
4 – وقوله: (وأحب للرجل أن يسمي الله عز وجل في ابتداء وضوئه فإن سها سمى متى ذكر وإن كان قبل أن يكمل الوضوء وإن ترك التسمية ناسيا أو عامدا لم يفسد وضوؤه إن شاء الله تعالى)
5 – وقوله: (ولا أحب للمتوضئ أن يزيد على ثلاث وإن زاد لم أكرهه إن شاء الله تعالى).
6 – وقوله: (قلما جن إنسان إلا أنزل فإن كان هذا هكذا اغتسل المجنون للإنزال وإن شك فيه أحببت له الاغتسال احتياطا ولم أوجب ذلك عليه حتى يستيقن الإنزال)
7 – وقوله: (وأحب للمؤذن أن لا يتكلم حتى يفرغ من أذانه فإن تكلم بين ظهراني أذانه فلا يعيد ما أذن به قبل الكلام كان ذلك الكلام ما شاء).
8 – وقوله: (وإذا أذن الرجل أحببت أن يتولى الإقامة)
9 – وقوله: (وأحب أن يكون المؤذنون كلهم خيار الناس لإشرافهم على عوراتهم وأمانتهم على الوقت)
10 – وقوله: (فأحب رفع الصوت للمؤذن وأحب إذا اتخذ المؤذن أن يتخذ صيتا وأن يتحرى أن يكون حسن الصوت فإنه أحرى أن يسمع من لا يسمعه ضعيف الصوت وحسن الصوت)
11 – وقوله: (أحب أن يقرأ المصلي بعد أم القرآن سورة من القرآن فإن قرأ بعض سورة أجزأه فإن اقتصر على أم القرآن ولم يقرأ بعدها شيئا لم يبن لي أن يعيد الركعة ولا أحب ذلك له)
والأمثلة في هذا كثيرةٌ جداً.
5 – الإمام أبو محمد بن حزم:
قال ابن حزم: (الحق حق وإن استقبحه الناس، والباطل باطل وإن استحسنه الناس، فصح أن الاستحسان شهوة واتباع للهوى وضلال، وبالله تعالى نعوذ من الخذلان)
وقال أيضاً: (من المحال أن يكون الحق فيما استحسنا دون برهان؛ لأنه لو كان ذلك لكان الله تعالى يكلفنا مالا نطيق، ولبطلت الحقائق)
وقد ألف ابن حزم _ رحمه الله _ كتابا سماه: (ملخص إبطال القياس والرأي والاستحسان)
خلاصة ما سبق: أن الأئمة الأربعة يحتجون بالاستحسان وإن كانوا يتفاوتون في التوسع في الاحتجاج به فأكثرهم استعمالا له أبو حنيفة وأتباعه، ثم أحمد وأتباعه، ثم مالك واتباعه، ثم الشافعي وأتباعه.
ثالثاً: سبب ما ورد من خلاف بين أبي حنيفة والشافعي في الاستحسان:
يذكر الأصوليون أن سبب هذا الخلاف يعود إلى أمرين:
الأول: تحديد المراد بالاستحسان فالاستحسان عند أبي حنيفة يشمل الاستحسان بالنص والإجماع والضرورة والرأي، والشافعي لا يرد الاستحسان بالنص والإجماع والضرورة إنما ينكر الاستحسان بالرأي، ويرى أنه عمل بلا دليل، وهذا ما أشار إليه البخاري في كشف الأسرار.
الثاني: أن أبا حنيفة يرى أن الاستحسان يخصص العلة، والشافعي يمنع من تخصيص العلة، وإلى هذا أشار الفخر الرازي في المحصول فيكون الخلاف بين أبي حنيفة والشافعي هو في الاستحسان بالقياس.
وعليه فلا خلاف بين الأئمة الأربعة في حجية الاستحسان بالنص، أو الإجماع، أو الضرورة؛ لأنه بالاتفاق يترك القياس بهذه الأمور الثلاثة.
كما لا خلاف بينهم في مجرد التسمية؛ لأن التسمية شرعية وردت في النصوص ومن ذلك:
قوله تعالى: {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} وقوله تعالى: {واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم} وقوله تعالى: {وأمر قومك يأخذوا بأحسنها}، وفي الحديث _ والصواب وقفه على ابن مسعود 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - _: " ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن "
ويكون الخلاف بين أبي حنيفة والشافعي هو في الاستحسان بالقياس فقط.
رابعاً: انواع الاستحسان:
النوع الأول: استحسان النص:
وهو أن يترك العمل بمقتضى القياس لدليل من الكتاب أو السنة ومن أمثلة ذلك:
- حكم الوصية: القياس يأبى جواز الوصية لأنها تمليك مضاف إلى ما بعد الموت والموت مزيل للملك فتقع الإضافة إلى زمان زوال الملك فلا يتصور وقوعه تمليكا فلا يصح إلا أنهم استحسنوا جوازها بالكتاب والسنة أما الكتاب فقوله تبارك وتعالى: {يوصيكم الله في أولادكم} إلى قوله تعالى: {من بعد وصية يوصى بها أو دين}
¥