تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال ابن حزم:" لا يجوز لأحد القطع على صحة إجماع أهل عصر ما بعد الصحابة رضي الله عنهم على ما لم يجمع عليه الصحابة بل يكون من قطع بذلك كاذباً بلا شك لأن الأعصار بعد الصحابة رضي الله عنهم من التابعين فمن بعدهم لا يمكن ضبط أقوال جميعهم ولا حصرها لأنهم ملئوا الدنيا ولله الحمد من أقصى السند وخراسان وأرمينية وأذربيجان والجزيرة والشام ومصر وافريقية والأندلس وبلاد البربر واليمن وجزيرة العرب والعراق والأهواز وفارس وكرمان ومكران وسجستان وأردبيل وما بين هذه البلاد ومن الممتنع أن يحيط أحد بقول كل انسان في هذه البلاد.أ. هـ " النبذة الكافية " (ص 20).

وأما الشرع فحثنا على الرجوع للكتاب والسنة فقال تعالى: ((فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)) (59) سورة النساء.

ولم يأمرنا ربنا عزوجل ولا رسوله صلى الله عليه وسلم بالاحتجاج بشئ يسمى الاجماع.

وأما قوله تعالى: ((ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا))

فلا وجه للدلالة منه على ماذكرت , فالآية دالة على أن من خالف طريق المؤمنين وهو الإيمان بالله والتسليم له ,كان له هذا الوعيد الشديد , فالمراد باتباع غير سبيل المؤمنين هو ترك الاسلام و الاعراض عنه , لذلك نزلت هذه الآية فيمن ارتدً عن الاسلام. فاللفظ والسبب يدلان على ذلك.

قال الشوكاني في تفسيره: ولا حجة في ذلك عندي_اي حجية الاجماع_ لأن المراد بغير سبيل المؤمنين هنا هو الخروج من دين الإسلام إلى غيره كما يفيده اللفظ ويشهد به السبب فلا تصدق على عالم من علماء هذه الملة الإسلامية اجتهد في بعض مسائل دين الإسلام فأداه اجتهاده إلى مخالفة من بعصره من المجتهدين فإنه إنما رام السلوك في سبيل المؤمنين وهو الدين القويم والملة الحنيفية ولم يتبع غير سبيلهم ا. هـ

وقال إمام الحرمين الجويني: فأما الإجماع فقد أسنده معظم العلماء إلى نص الكتاب وذكروا قول الله تعالى {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين} الآية وهذا عندنا ليس على رتبة الظاهر فضلاً عن ادعاء منصب النص فيها. أ. هـ " البرهان في أصول الفقه " (1/ 119).

فالاستدلال بهذه الآية بعيد جدا , وقد رد العلماء على من استدل بهذه الآية على حجية الاجماع بوجوه كثيرة لا يسعنا ذكرها هنا.

وأما حديث ((لا تجتمع أمتي على ضلالة)) , فضعفه جمع من المحدثين , وقال النووي في شرحه على مسلم:

وَأَمَّا حَدِيث " لَا تَجْتَمِع أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَة "فضعيف.

وأوصله بعضهم لمجموع طرقه إلى رتبة الحسن لغيره.

ولوكان هذا الحديث صحيحاً فليست فيه دلالة على حجية الإجماع وأجاب على ذلك خاتمة المحققين الإمام الشوكاني رحمه الله فقال: ويجاب عنه بمنع كون الخطأ المظنون ضلالة." ارشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الاصول."

فحديث في أدنى مرتبة القبول يتحرج المجتهد بالاستدلال به على مسألة فرعية , وكذلك ليست فيه الصراحة على الاستدلال , كيف يكون دليلاً على أصل تثبت به الاحكام؟!!!

وأما إجماع الصحابة سكوتياً فاحتماله واقع , وإنما يرجع إليه لأنهم أعلم الامة بالشريعة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولأن منهم الخلفاء الراشدين الذين أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباع سنته وسنتهم , فكان القول بحجيته دون ماسواه وجيه جداً.

لذلك قال الامام ابو حنيفة: إذا أجمعت الصحابة على شيء سلمنا وإذا أجمع التابعون زاحمناهم, وقال ابن وهب ذهب داود وأصحابنا إلى أن الإجماع إنما هو إجماع الصحابة فقط وهو قول لا يجوز خلافه لأن الإجماع إنما يكون عن توقيف والصحابة هم الذين شهدوا التوقيف.

إرشاد الفحول ص124

وقال ابن حبان في صحيحه: والإجماع عندنا إجماع الصحابة الذين شهدوا هبوط الوحي والتنزيل وأعيذوا من التحريف والتبديل حتى حفظ الله بهم الدين على المسلمين وصانه عن ثلم القادحين.5/ 471

وأوصيك أخي المبارك بالاطلاع على كتاب "ارشاد الفحول " للشوكاني.

أسأل الله أن يوفقنا وإياكم للصواب. وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ـ[محمد أبا الخيل]ــــــــ[17 - 08 - 07, 07:42 ص]ـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير